الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أشمل من ذلك، فيشمل المنكرات التي تدور في البيوت وتدور في الأسواق وتدور على كافة الأصعدة، كبرت هذه أو صغرت، تنوعت أساليبها, ولابد من مقاومتها، فسبب خيرية هذه الأمة وتفضيلها على الناس هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويلاحظ أنه في الآية قدم على الإيمان، {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [(١١٠) سورة آل عمران].
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يصح ولا يقبل بغير الإيمان، لكنه قدم في الآية لتعظيم شأنه وأنه هو السبب الذي فضلت به هذه الأمة، وإلا فجميع الأمم التابعين للرسل، يؤمنون بالله، ومع ذلك فضلنا عليهم بأي شيء؟ بأننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وسبب لعن بني إسرائيل، {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} [(٧٩) سورة المائدة]. فلا بد من الجد والحزم في هذا الأمر والتواصي عليه، والتعاون عليه.
يقول: تعصف بالأمة الأحداث وتنزل بها النكبات والإعلام الكافر والمشبوه يتولى توجيه الناس، حتى رأينا من أهل الخير والعقيدة الصحيحة من يشك ببعض الثوابت، وأصبح كثير من شباب الصحوة يتناظرون ويبحثون عن المرشد وربما أخذ بأيديهم مأفوكون في الإنترنت وبعضهم صار في ركاب الفئات الضالة والفرق الضالة الخارجة عن الإسلام؟
الجواب: على كل حال هذا الإعلام التي ابتليت به الأمة في هذه العصور المتأخرة لا شك أنه أحدث شرخاً كبيراً وضرراً عظيماً, لكنه مع ذلك فتح أبواباً وآفاقاً للعمل، وأيضاً ضاعف في الأجور -أجور العاملين-؛ لأن الأمور لو كانت سهلة وميسرة ما استحق كثير من العاملين مثل هذه الأجور العظيمة؛ لأن الأمر إذا كان سهل وميسر أجره المرتب عليه أقل مما لو كان صعب الحصول والمنال، {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [(١٠) سورة الحديد]؛ لأن كلما اشتدت الحاجة وتأزمت الأمور زادت الأجور، ولذا جاء في الحديث في المسند والسنن ((أن للعامل في آخر الزمان أجر خمسين قالوا يا رسول الله: منا أو منهم؟ قال: ((بل منكم)) وهذا الحديث حسنه ابن القيم وغيره.