رواية أخرى:((إن قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء اليمن)) الآن أيلة وردت في هذه الرواية، وهي في الصحيحين، ما بين أيلة وصنعاء، وجاء أيضاً:((ما بين صنعاء والمدينة)) وجاء ((ما بين عمّان إلى أيلة)) ولا شك أن هذه المسافات متفاوتة تفاوتاً كبيرة، وهذه الأحاديث كلها صحيحة، وفي مسلم من حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((ألا إني فرط لكم على الحوض -يعني: متقدم أمامكم على الحوض- وإن بعد ما بين طرفيه كما بين صنعاء وأيلة)) وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منه لا يضمأ أبداً)) هذه التحديدات لا شك أنها متفاوتة، فما بين عمّان إلى أيلة أقصر كثير من ما بين أيلة وصنعاء اليمن، وما بين صنعاء والمدينة أقصر، فهذه التحديدات ظن بعضهم أن ما جاء فيها يعد اضطراب، والاضطراب لا شك أنه يضعف الحديث، فالحديث المضطرب من قسم الضعيف، والحديث المضطرب يُعرفه أهل العلم: بأنه الحديث الذي يروى على أوجه مختلفة متساوية، يعني لا بد أن يروى على أكثر من وجه، وأن تكون هذه الأوجه مختلفة، ولا شك أن هذا متحقق في هذا الحديث، يروى على أوجه مختلفة، لكن هل هذه الأحاديث متساوية ليحكم بالاضطراب؟ منها ما في الصحيحين، ومنها ما تفرد به البخاري، ومنها ما تفرد به مسلم، وعلى هذا إذا قلنا: أن بعضها أرجح من بعض لننفي الاضطراب، قلنا: يقدم ما في الصحيحين، هذا إذا تعذر الجمع، أما إذا أمكن الجمع فلا يُلجأ إلى مثل هذا التعليل للأحاديث الثابتة في الصحيح، والجمع ممكن.