السلامة: يقول من الكلمات الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، قال في القاموس: السلامة: البراءة من العيوب، يعني أن من نهج منهج الحق وسلك طريق السنة وسلم من البدعة وكبائر الذنوب فإنه يرد على حوض النبي -صلى الله عليه وسلم- ويشرب منه، ولم يُرَد عن الشرب منه، ولم يطرد عن الورود عليه كما يفهم من الأحاديث التي تقدمت وبالله التوفيق.
المقصود أن الابتداع أمره خطير، وشأنه عظيم، فهو مشاركة لله -جل وعلا- في تشريعه، فالذين يبتدعون ويتبعهم هؤلاء المبتدعة على ضلالهم هؤلاء شركاء {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [(٢١) سورة الشورى] فاختراع شيء في الدين وأمر الناس بالعمل بهذا المخترع في الدين وهذا المُبتَدع لا شك أنه شرك في التشريع.
فليحرص المسلم ذكراً كان أو أنثى على الاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وأن لا يعمل عملاً يتقرب به إلى الله -جل وعلا- إلا أن يكون لديه فيه دليل يتمسّك به، وقد جاء عن بعض السلف: إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل، وفي هذا مبالغة في الاتباع، وتنفير من الابتداع، كما يقول ابن مسعود:"اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم" يعني الإنسان لو يعمل طول عمره في تحقيق ما خلق من أجله، وهو العبودية لله -جل وعلا- مقتصراً في ذلك على ما جاء عنه في كتابه، وما صح من سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- لما كفاه العمر؛ لأنه ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أحاديث كثيرة جداً، فعلى الإنسان أن يعمل بجميع ما بلغه عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن العمل هو الثمرة المرجوة من العلم، فعلم بلا عمل كشجر بلا ثمر.
وبالمقابل إذا جاء الأمر بالعمل يأتي أيضاً التنفير والتحذير عن عملٍ لا علم معه، فلا شك أن العلم قبل القول والعمل، فيكون الإنسان على بصيرةٍ من أمره، فلا يقدم على أمرٍ يتديّن به، ويتقرب به إلى الله -جل وعلا- إلا أن يسبق له شرعية من كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ليتحقق له ما وعد من الشرب من هذا الحوض الذي لا يظمأ بعده أبداً، وليهنأ بشربةٍ من حوضه -عليه الصلاة والسلام- ومن يده الشريفة.