يقول: حتى -هذه الغاية-: ((إذا رأيتم شحاً مطاعاً)) تجد الشح بين الناس، والناس تابعون لهذا الشح، لا يخالفونه، فيمنعون الواجبات، ويبخلون بها. ((فإذا رأيتم شحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً)) كل ما لاح له شهوة أتبعها هواه، ولم يرتدع عنها ولا يزدجر عنها، ولو زجر بنصوص الكتاب والسنة. ((وهوىً متبعاً، ودنياً مؤثرة)) نعم، هذا موجود، كثيرٌ من الناس آثر الدنيا على الآخرة، وتعلق قلبه بها، ولم يعقل من دينه شيء، يصلي ببدنه فقط، يعني إذا سمع شخص وهو ساجد يشير بأصبعه ثم في النهاية يجهر يقول آمين، هذا ماذا عقل من صلاته؟ وهو ساجد يقول آمين! لا شك أن هذا سببه تعلق القلوب بالدنيا، والعزوف عن الآخرة، والغفلة عن الهدف الذي من أجله خلق.
يقول: إذا رأيت ذلك ((ودنياً مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأيٍ برأيه)) بالنسبة لعامة الناس كونهم يصرون على ما يقررونه من أحاديثهم في مجالسهم هذا ليس بغريب؛ لأنهم عوام، لكن طلاب علم، تجده إذا نوقش في مسألة علمية أو أبدي أدنى ملاحظة في كلامه صار كأن الدنيا انهدمت فوق رأسه لا يطيق شيئاً من ذلك، لا يريد أن يقال له لو قلت كذا لكان كذا، أو ما رأيك لو كانت المسألة كذا، ما يتحمل ولو بالأسلوب المناسب، نعم يوجد من ينتقد بعض طلاب العلم وبعض العلماء بأساليب غير مقبولة البتة، لكن مع ذلك كلٌ له ما يخصه من خطاب، فالذي يلاحظ على أهل العلم ينبغي أن تكون الملاحظة بأدب، وأن تلقى بأسلوب محبب، بحيث يتأثر السامع، وأيضاً بالمقابل الطرف الثاني لا يعجب برأيه، فليس بالمعصوم، فإذا قيل له: لو أن كذا لكان كذا، وما رأيك بكذا ولو أنه ... ، يعني تطرح الإشكال أو الملاحظة على سبيل الاستفهام، يعني يستفهم منه استفهاماً، وإلا هذا حقيقة أمرٌ مقلق، ونسمع من الردود شيء تقشعر منه الأبدان، ونجد الثقل في إبداء الملاحظات هذا موجود، نسأل الله السلامة والعافية، عندنا وعند غيرنا من طلاب العلم؛ لأن المقاصد مدخولة، يعني أين نحن من قول الشافعي:"والله لا يهمني أن يكون الحق على لساني أو على لسان خصمي" المقصود أن الحق يبين.