روى مسلم والترمذي من حديث معقل بن يسار -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((العبادة في الهرج كهجرة إليَّ)).
يقول النووي في شرح مسلم:"قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((العبادة في الهرج كهجرة إلي)) المراد بالهرج هنا: الفتنة، واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها".
في الحديث السابق:((للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم)) يعني من الصحابة رضوان الله عليهم، قد يشكل هذا على بعض الناس، ويقول: أنه قد يأتي في آخر الزمان من هو أفضل من الصحابة؛ لأننا إذا نظرنا إلى بعض أعمال الناس في الزمن المتأخر وجدناه كثير جداً ومتنوع، تجده ثري مثلاً، وصاحب صلاة، وذكر وتلاوة وصيام وبذل أموال، مدة طويلة تزيد مثلاً على نصف قرن، وأجره مثل أجرين خمسين من الصحابة، إذن أجوره لا يحاط بها، كثيرة جداً، فهل يتصور أن مثل هذا أفضل من أقل الصحابة شأناًً، وليس فيهم قليل الشأن، بل كل واحد منهم شأنه عظيم أعني الصحابة رضوان الله عليهم؟
لا .. أجر خمسين في العمل نفسه، أما شرف الصحبة وأجر الصحبة فلن يناله أحد، أي كائناً من كان، ولا عمر بن عبد العزيز، الخليفة الراشد المعروف.
ولما سئل من سئل عن معاوية بن أبي سفيان وعمر بن عبد العزيز أيهما أفضل؟ قال: غبارٌ في أنف معاوية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيرٌ من عمر بن عبد العزيز.