من من الناس يوم انشغل الناس بالأسهم في الأيام الماضية طلوعاً ونزولاً، انشغلوا بها شغلاً مذهلاً من من الناس من انصرف إلى عبادة ربه، في هذه الظرف الذي انشغلوا فيه.
في إكمال المعْلِم للقاضي عياض قوله:((العبادة في الهرج كهجرة إلي)) أي في احتدام الفتنة واختلاط أمر الناس، فيحمل أنه في آخر الزمان الذي أنذر به في الحديث بقوله:((ويكثر الهرج)) ويحتمل أنه عمومٌ في كل وقتٍ وفضل الانعزال حينئذٍ لعبادة الله -عز وجل-".
أما كونه مخصوص في آخر الزمان فالحديث لا يدل عليه؛ لأن هذا التفضيل مربوط بوجود السبب الذي هو: الهرج، القتل، الفتنة، فكلما وجد الوصف الذي علق به هذا الفضل يوجد الفضل، فكلما وجدت فتنة ينصرف الإنسان إلى عبادة ربه، هذا إذا كان لا يستطيع أن يكون مؤثراً في هذه الفتنة، في إزالتها في تخفيفها، وإلا لو كان له أثر في إزالتها وتخفيفها كانت أفضل من العبادة الخاصة؛ لأن المقرر عند أهل العلم أن العبادات المتعدية أفضل من اللازمة.
ويقول القرطبي في المفهم: "قوله: ((العبادة في الهرج كهجرة إلي)) قد تقدم أن الهرج الاختلاط والارتباك ويراد بها الفتن والقتل، واختلاط الناس بعضهم في بعض، فالمتمسك بالعبادة في ذلك الوقت والمنقطع إليها المعتزل عن الناس أجره كأجر المهاجر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه يناسبه من حيث أن المهاجر قد فر بدينه عمن يصده عنه" يعني هذا وقت النبي -عليه الصلاة والسلام- فر بدينه من قومه وعشيرته الذين يحاولون أن يصدوه عن دينه ويصرفوه عنه، من حيث أن المهاجر يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قد فر بدينه عمن يصده عنه إلى الاعتصام بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وكذلك هذا المنقطع للعبادة قد فرَّ من الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه، فهو على التحقيق قد هاجر إلى ربه، وفر من جميع خلقه.