يعني هل يظن بعمر أنه قال ذلك مجاملة؟ يعني بعض الناس يقسم لغيره أنه أحب إليه من كل شيء, والواقع خلاف ذلك، لكن هل يظن بعمر أنه يقول: والله لأنت الآن أحب إلي حتى من نفسي، يعني قبل ثواني أحب إليه من كل شيء إلا من نفسه، فمقتضى ذلك أن نفسه أحب إليه من الرسول -عليه الصلاة والسلام- في ثوانٍ انقلبت فصار أحب إلى عمر حتى من نفسه -رضي الله عنه وأرضاه- وقال:((الآن يا عمر)) يعني هذا الكلام قيل بحضرة المؤيد بالوحي، يعني لو كان في هذه المحبة أدنى شيء من الدخل أو عدم المطابقة للواقع، لنزل الوحي ببيان ذلك وكشفه، لكن أحياناً تجد مثلاً الزوجة من زوجها ما يحببها إليه، فتقسم له أنك أحب إليه من نفسها، والعكس يجد من زوجته فيقسم لها والله أعلم بالسرائر؛ لأن المسألة مسألة مصالح، قد يكون في هذه اللحظة وبعد ثواني تنقلب العكس، تنقلب عداوة، لأن المسألة مبنية على مصالح دنيوية تزول بزوالها، لكن محبة عمر للنبي -عليه الصلاة والسلام- مرتبة على شيء لا يزول وهو الدين، الذي هو رأس المال، فلولاه -عليه الصلاة والسلام- ما عرفنا كيف نعبد الله -جل وعلا- ولا عرفنا الله -جل وعلا- إلا بواسطته وما جاء به عن الله -جل وعلا- وكل خير وصل إلينا ويوصلنا إلى مرضات الله -جل وعلا- إنما هو من طريقه -عليه الصلاة والسلام- فلا مصدر لنا غير ما جاء به من كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- التي هي في الحقيقة وحي يوحى، إذا عرفنا هذا النبي العظيم، وحقوقه العظيمة علينا؛ لأنه هو الذي أخذ بأيدينا وهو الذي دلنا على هذا الصراط المستقيم الموصل إلى الله -جل وعلا- نسأل الله -جل وعلا- أن ييسره لنا وأن يديمنا على سلوكه من غير غلو ولا تقصير- إذا عرفنا هذا فالنبي -عليه الصلاة والسلام- له حقوق عظيمة، فمحبته التي تقدمت لا بد أن تكون أعظم عند الإنسان من نفسه، والمراد بذلك المحبة الشرعية، المحبة الشرعة تترجم هذه المحبة بتقديم مراده -عليه الصلاة والسلام- وأمره على مراد غيره, فإذا طلبت الزوجة شيئاً مما منعه الرسول -عليه الصلاة والسلام- ولبى الطلب وأحضر هذا المطلوب، هل هذا المدعي صادق في محبته للنبي -عليه الصلاة والسلام- حينما تقول له زوجته