أدركت شيخاً جاز المائة، وهو يصلي صلاة التهجد واقفاً، خلف إمام متوسط القراءة، يعني لا يشجع على طول القيام، ويقرأ في كل تسليمة جزءً من القرآن، خمسة تسليمات في التهجد يقرأ خمسة، في ليلةٍ من الليالي ليالي الشتاء سمع مؤذناً يؤذن الأذان الأول، والعادة جرت أنه يؤذن الأذان الأول متى؟ إذا فرغوا من الصلاة، فالإمام لما سمع هذا المؤذن خفف الركعة الأخيرة من التسليمة الأخيرة، فلما سلم قال له هذا الشيخ الكبير الذي جاوز المائة على مسمعٍ من الناس كلهم بأسلوبه وعبارته: يوم جاء وقت النزول خففت! يعني آخر الليل تخفف! جاوز المائة وأنا أدركته، فيا إخوان المسألة أنت واقفٌ بين يدي أكبر من كل كبير، وتقول: الله أكبر، وترفع الحجاب بينك وبين ربك، وتنادي ربك، في أيام معدودات، في ليالٍ يسيرات، ومع ذلك هم يسارعون، فلا أقل من أن يقرأ في الثماني الركعات جزءً من القرآن، في العشرين الأيام الأولى، جزء من القرآن، ويش المانع، وخلي الصلاة تنتهي بساعة، ما يصير؟ الدنيا ملحوق عليها، هذا شيء أيها الإخوان يدعو إلى مثل هذه العجلة، المسألة ساعة وبعد الساعة لك، والليل طويل، ولله الحمد، مع الأسف الشديد أن ليالي رمضان تستغل فيما لا ينفع، كثيرٌ من الناس يستغلوها فيما يضر.
بعض أهل العلم، بعض من يتصدى لتعليم الناس يتشبه بالسلف، ويعطل الدروس، ويقول: رمضان شهر القرآن، ويطلب منه الدروس، ويقول: لا خلاص، مالك يترك التحديث، وفلان وفلان وفلان؛ لكن هل بالفعل هو يفعل هذا، أو هذا من تلبيس الشيطان عليه، يريد أن يعطل هذه الدروس ولا يصنع شيئاً، هذا الواقع أيها الإخوة، بعض الناس يعطل الدروس، ولا يرتبط بأي جهدٍ علمي، ومع ذلك هو يقول: إنه يتشبه بالسلف، وهو مجرد ما يصلي التراويح وقلبه مشغولٌ بما سيفعله بعد ذلك، ينتقل من قهوة فلان أو استراحة فلان أو علان، أو يجلس في بيته للقيل والقال، ينتظر الداخل والخارج، المسألة أيام معدودات.
إذا لم يكن عوناً من الله للفتى ... فأول ما يقضي عليهم اجتهاده