فتنزل النصوص منازلها وتوقع مواقعها، فينتبه لمثل هذا، ولا شك أن الخلاف في العقائد مؤثر، والأصل هجر المبتدع، ومعاملة السلف للمبتدعة في غاية القوة والشدة، وذلكم في وقت نشوء البدع، من أجل القضاء عليها من مهدها، لكن لو وجدنا مدرس أشعري وزميله على منهج أهل السنة والجماعة، واقتضت المصلحة -مصلحة دعوته- معاملته بالرفق واللين، ورأى أن الهجر لا يفيد، بل يزيده إصراراً، بل يمكن يصير معتزلي، نعم، ومعاملته بالرفق واللين والتبسط في وجهه وإلقاء السلام عليه، والسؤال عن حاله، هذا يجعله يقبل الحق، فالرفق واللين مطلوب، والحكمة مطلوبة، ويبقى أننا نبغض البدع والمبتدعة، وهذا هو منهج سلف هذه الأمة، وأما بالنسبة لمصلحة الدعوة إذا كان في دائرة الإسلام يسلم عليه، أما إذا كانت بدعته مكفرة فحكمه حكم الكفار لا يسلم عليه، ولا يبادر بالسلام.
هذا يقول: هل طلب العلم مقيد بعمر معين؟ بمعنى أنه من كان كبيراً فقد فاته قطار الطلب؟
هذا الكلام ليس بصحيح، كم عمر أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- لما بعث النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ ثمان وثلاثين سنة، وهل يعرف من العلم شيء قبل ثمان وثلاثين؟ لا يعرف شيئاً.