الإنسان مطلوب منه أن يحقق العبودية التي من أجلها خلق، وتكون بفعل ما أمر الله -جل وعلا- وبالانتهاء عما نهى عنه، بفعل الأوامر وترك النواهي، ثم إذا حصّل الإنسان هذه التقوى وجعلها وقاية بينه وبين النار وجمع من الأعمال أمثال الجبال كما جاء في بعض الأحاديث لا يأتي مفلساً يوم القيامة، يوزع هذه الأعمال على الناس، على غير هذا فلان فيه، وهذا علان فيه، والله -جل وعلا- لم يجعلوه حكماً بين العباد، وأعرض المسلمين حفرة من حفر النار كما قال ابن دقيق العيد -رحمه الله-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أتدرون من المفلس؟ )) قال: المفلس من لا درهم له ولا متاع، قال:((لا، المفلس من يأتي بأعمال)) من صلاة وصيام وجهاد وحج وغيرها، ((يأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا، وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته)) وفي حديث معاذ: ((وهل يكب الناس على وجوههم، أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)) فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا- في أعراض إخوانه المسلمين.
من ثبت عنده شيء من المخالفة يناصح، مقتضى النصيحة أن تسدي له هذا العيب الذي اطلعت عليه أو بلغك عنه، وإذا لم يمتثل وما ارتكبه عن الناس منه ضرر متعد يتعداه إلى غيره، حينئذ يحذر من هذا العمل، يحذر من هذا العمل، وإذا لم يمكن إلا بالتصريح، ولا يكفي بذلك التلميح، والضرر المترتب على قوله أو على فعله بالغ بالنسبة لغيره، مثل هذا يرد عليه.
يقول: كيف نوفق بين قول الله -عز وجل- {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ}[سورة الأعراف: ٤٦]، وبين العمل طمعاً في الجنة، وجعلها غايةً للإنسان؟
يعني هذا شيء {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} شيء من الاستفعال، وأن أعمالهم لا تؤهلهم في نظرهم لدخول الجنة، {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}[سورة المؤمنون: ٦٠]، خائفة، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم، أن يعمل الأعمال الصالحة ويبتعد عما حرم الله -جل وعلا- ويبقى خائفاً وجلاً ألا تقبل منه هذه الأعمال.