أنا والله استشاري ما عندي استعداد أجلس مع الصغار، أو أقرأ في متون صغيرة، أنا أريد الكتب الكبيرة، نقول: لا يا أخي، لن تدرك شيئاً، لن تستطيع أن تطلع السطح بدون سلم، لا بد أن تتدرج على ما اختطه أهل العلم لكيفية التحصيل تبدأ بكتب الصغار المتعلمين المبتدئين ثم المتوسطين ثم المتقدمين المنتهين إلى أن تصير عالم.
وإذا رتب الإنسان نفسه وجهده وأتى العلم من أبوابه واتصف بما يعينه على طلب العلم من التواضع والحرص لا بد من التواضع، هذا العلم لا يدركه مستكبر إطلاقاً {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ} [(١٤٦) سورة الأعراف] فالذي يتكبر لا يدرك العلم، قد يقول قائل: إحنا والله نشوف بعض العلماء ينهر الناس، وقد يدعوه شخص ولا يلتفت، أو يسلم عليه ولا يرد عليه بكلام يسمعه، قد يرد عليه بكلام ما سمعه، هل هذا متكبر أو لا؟ الله أعلم، الكبر موطنه القلوب، وله علامات تدل عليه، وله آثار تظهر على الجوارح، لكن ما يظن بأهل العلم مثل هذا، وإذا وجد من تحقق فيه هذا الوصف الذي هو الكبر، هذا ليس بعالم شاء أم أبى.
الأمر الثاني: أن لا يعجب بنفسه، كون الإنسان يكون غنياً ليس بعيب ولا ذم، لكن العيب أن يرى نفسه أنه قد استغنى، {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [(٦ - ٧) سورة العلق] ومثل هذا ليس بغريب أن يكون استشارياً كبيراً، لكن العيب أن يرى نفسه أنه وصل إلى هذا الحد الذي لم يبلغه غيره، هذا كبر مقيت مذموم، وهذا عجب بالنفس.
والعجب فاحذره إن العجب مجترف ... أعمال صاحبه في سيله العرم