للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما رأيت نبطا أنصارا ... شمرّت عن ركبتي الإزارا

كنت لهم من النّصارى جارا «١»

أي فكنت لهم.

وقال أكثر المفسرين: أرادوا كما فعل بنو الجانّ قاسوا بالشاهد على الغائب، وقال بعض أهل المعاني: فيه إضمار واختصار معناه: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ؟ أم تجعل فيها من لا يفسد ولا يسفك الدماء؟ لقوله تعالى: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ «٢» يعني كمن هو غير قانت، وهو اختيار الحسن بن الفضل.

وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ.

قال الحسن: يقولون: سبحان الله وبحمده، وهو صلاة الخلق وتسبيحهم وعليها يرزقون.

يدل عليه

الحديث المروي عن أبي ذر إنه قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أي الكلام أفضل؟ قال: «ما اصطفاه الله تعالى لملائكته: سبحان الله وبحمده» [٧٩] «٣» .

وقيل: معناه: ونحن نصلي لك بأمرك، والتسبيح يكون بمعنى التنزيه ويكون بمعنى الصلاة، ومنه قيل: للصلاة سبحة، وقيل: معناه: نصلي، ونقرأ فيها فاتحة الكتاب.

وَنُقَدِّسُ لَكَ وننزهك واللام صلة، وقيل: هي لام الأجل، أي ونطهّر لأجلك قلوبنا من الشرك بك [وأبداننا] من معصيتك.

وقال بعض العلماء: في الآية تقديم وتأخير مجازها: ونحن نسبّح ونقدّس لك بحمدك لأنّه إذا حملت الآية على التأويل الأول تنافي قول الملائكة المتزكية بالإدلال بالعمل، وإذا حملت على هذا التأويل ضاهى قولهم التحدّث بنعمة الله واضافة [.....] «٤» إلى الله فكأنّهم قالوا: وأن سبّحنا وقدّسنا وأطعنا وعبدنا فذلك كله بحمدك لا بأنفسنا، قال الله:

إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ من استخلافي في الأرض ووجه المصلحة فيه، فلا تعترضوا عليّ في حكمي وتدبيري، وقيل: أراد أني أعلم أنّ في من استخلفه في الأرض: أنبياء وأولياء وعلماء وصلحاء، وقيل: أني أعلم إنّهم يذنبون وأغفر لهم.

قال بعض الحكماء: إنّ الله تعالى أخرج [أدم] من الجنّة قبل أن يدخله فيها «٥» . لقوله


(١) جامع البيان للطبري: ١/ ٤٥٤.
(٢) سورة الزمر: ٩.
(٣) مسند أحمد: ٥/ ١٤٨.
(٤) كلمة غير مقروءة في المخطوط.
(٥) الدر المنثور: ١/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>