للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربّنا فقال: أفعل، فلمّا دنا موسى (عليه السلام) من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتّى يغشي الجبل كله ودنا موسى ودخل فيه وقال للقوم: ادنوا وكان موسى إذا كلمه ربه وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني إسرائيل أن ينظر إليه، فضرب دونه الحجاب ودنا القوم حتّى إذا دخلوا في الغمام وهو عمود فسمعوه وهو يكلّم موسى يأمره فيها: افعل لا تفعل فلما فرغ انكشف عن موسى الغمام فأقبل إليهم فقالوا: يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ... ،

فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ فماتوا جميعا.

وقال ابن عباس: إن السبعين الذين قالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ... فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ كانوا قبل السبعين الذين أخذتهم الرجفة، وإنما أمر الله موسى أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختارهم وبرزهم ليدعوا ربهم، فكان فيما دعوا أن قالوا: اللهم أعطنا ما لم تعطه أحدا قبلنا ولا تعطيه أحدا بعدنا، فكره الله ذلك من دعائهم فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ.

قال عليّ بن أبي طالب. كرّم الله وجهه: إنّما أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ من أجل دعواهم على موسى قبل هارون، وذلك أن موسى وهارون وشبر وشبير (عليهم السلام) انطلقوا إلى سفح جبل فنام هارون على سرير فتوفّاه الله فلمّا مات دفنه موسى فلمّا رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا له: أين هارون؟ قال: توفّاه الله، فقالوا: بل أنت قتلته [عمدا] على خلقه ولينه، قال: فاختاروا من شئتم، فاختاروا سبعين رجلا وذهب بهم، فلما انتهوا إلى القبر قال موسى: يا هارون أقتلت أم توفّيت؟

فقال هارون: ما قتلني أحد. ولكن الله توفاني إليه.

فقالوا: يا موسى لن تقصّ بعد اليوم فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ وصعقوا وماتوا، وقال موسى: يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم، يقولون: أنت قتلتهم فأحياهم الله وجعلهم أنبياء كلّهم.

وقال ابن عباس: إنّما أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ لأنهم لم يرضوا ولم ينهوا عن العجل، وقال قتادة وابن جريج ومحمد بن كعب: أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ لأنّهم لم [يزايلوا] قومهم حين عبدوا العجل ولم يأمروهم بالمعروف ولم ينهوهم عن المنكر.

وقال وهب: لم تكن تلك الرجفة موتا ولكن القوم لما رأوا تلك الهيبة أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ وخلقوا فرجفوا حتّى كادت أن تبيّن مفاصلهم وتنقص ظهورهم فلمّا رأى ذلك موسى (عليه السلام) رحمهم وخاف عليهم الموت واشتدّ عليه فقدهم وكانوا له ولدا على الخير سامعين مطيعين فعند ذلك دعا وبكى وناشد ربّه فكشف الله عنهم تلك الرجفة والرعدة فسكنوا واطمأنوا وسمعوا كلام ربهم فذلك قوله قالَ يعني موسى رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ بقتل القبطي أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا يعني عبدة العجل. وظن موسى أنّه عوقبوا باتخاذ بني إسرائيل العجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>