للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السدي: أوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل وكان موسى لا يعلم ذلك فقال موسى: يا رب كيف أرجع إلى بني إسرائيل وقد أهلكت أخيارهم وليس معي رجل واحد فما الذي يصدقوني به ويأمنونني عليه بعد هذا، فأحياهم الله وقال [المبرّد] : قوله أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا استعلام واستعطاف أي لا تهلكنا قد علم موسى أن الله أعدل من أن يؤاخذ بجريرة الجاني غيره ولكنّه كقول عيسى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ الآية «١» .

إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أي اختيارك.

قال سعيد بن جبير وأبو العالية والربيع: محنتك، وقال ابن عباس: عذابك تصيب به من تشاء وتصرفه عن من تشاء تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا ناصرنا ومولانا وحافظنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ وَاكْتُبْ لَنا أي حقق [ووفقنا للأعمال الصالحة] «٢» يقال: [كتب] الله عليك السلامة فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً يعني الأعمال الصالحة وَفِي الْآخِرَةِ يعني المغفرة والجنّة إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قرأ أبو رجزة السعدي: وكان مصححا من القراء شاعرا. هِدْنا بكسر الهاء يقال: هاد يهيد ويهود إذا رجع وتحرك [فأدلّه الميل] قال الشاعر:

قد علمت سلمى [رجلا] ... أني من الناس لها هائد

قالَ الله تعالى: عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ من خلقي وقال الحسن وابن السميقع:

مَنْ أَشاءُ [ ... ] «٣» من الإشاءة وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ عمّت كُلَّ شَيْءٍ قال الحسن وقتادة:

إن رحمته في الدنيا وسعت البر والفاجر وهي يوم القيامة للمتّقين خاصة.

وقال عطيّة العوفي: وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ولكن لا يجيب إلّا الذين يتقون، وذلك أنّ الكافر يرزق ويدفع عنه بالمؤمن لسعة رحمة الله للمؤمن يعيش فيها، فإذا صار إلى الآخرة وجبت للمؤمنين خاصة كالمسير في كالمستضيء بنار غيره إذا ذهب صاحب السراج بسراجه، قال أبو روق: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ يعني الرحمة التي قسمها بين الخلائق يعطفه بها بعضهم على بعض، وقال ابن زيد: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) هو التوبة، وقال آخرون: لفظه عام ومعناه خاص لهذه الأمّة.

وقال ابن عباس وقتادة وابن [جرير] وأبو بكر الهذلي: لما نزلت هذه الآية وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ قال إبليس: أنا من ذلك الشيء ونزعها الله من إبليس فقال


(١) سورة المائدة: ١١٨
. (٢) زيادة عن تفسير القرطبي: ٧/ ٢٩٦
. (٣) كلمة غير مقروءة
.

<<  <  ج: ص:  >  >>