للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن لهم قوام، ومنه

قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «نصرت بالصّبا وأهلكت عاد بالدّبور» [٢٣٦] «١» .

يقال للرجل إذا أقبلت الدنيا عليه بما يهواه: الريح اليوم لفلان.

قال عبيد بن الأبرص:

كما حميناك يوم النعف من شطب ... والفضل للقوم من ريح ومن عدد «٢»

وقال الشاعر:

يا صاحبي ألا لا حي بالوادي ... إلا عبيد وأم بين أذواد «٣»

أتنتظران قليلا ريث غفلتهم ... أو تعدوان فإن الريح للعادي «٤»

أنشدني أبو القاسم المذكور قال: أنشدني أبا نصر بن منصور الكرجي الكاتب:

إذا هبت رياحك فاغتنمها ... فإن لكلّ خافقة سكون

ولا يغفل عن الإحسان فيها ... فما تدري السكون متى يكون «٥»

قوله تعالى وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً فخرا وأشرا وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ معطوف على قوله: (بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ) ومعناه ينظرون ويرون، إذ لا يعطف مستقبل على ماض، وَاللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ

وهؤلاء أهل مكّة خرجوا يوم بدر ولهم بغي وفخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهمّ إن قريشا أقبلت بفخرها وخيلائها ليحادك ورسولك» [٢٣٧] «٦» .

قال ابن عباس: لمّا رأى أبو سفيان أنّه أحرز عيره أرسل إلى قريش أنّكم خرجتم لتمنعوا عليكم فقد نجاها الله فارجعوا فوافى الركب الذي فيه أبو سفيان ليأمروا قريشا بالرجعة إلى مكّة فقال لهم: انصرفوا، فقال أبو جهل: والله لا ننصرف حتّى نرد بدرا. وكان بدر موسما من مواسم العرب يجتمع لهم بها سوق كل عام. فنقيم بها ثلاثا وننحر الجزر ونطعم الطعام ونسقي الخمور ونعزف عليها القيان «٧» وتسمع بها العرب. فلا يزالون يهابوننا أبدا فوافوها فسقوا كؤوس المنايا مكان الخمر وناحت عليهم النوائح مكان القيان «٨» .


(١) مسند أحمد: ١/ ٢٢٨، وصحيح البخاري: ٢/ ٢٢
. (٢) تفسير الطبري: ١٠/ ٢١، ومعجم البلدان: ٣/ ٣٤٣
. (٣) تاج العروس: ١٠/ ٢٢
. (٤) الصحاح: ١/ ٣٦٨، والبيت لامرئ القيس في معلقته
. (٥) تاج العروس: ٢/ ١٤٩، وتفسير القرطبي: ٥/ ٣٨٤
. (٦) تفسير الطبري: ١٠/ ٢٤
. (٧) القيان: جمع القينة وهي الفتيات المغنيات
. (٨) زاد المسير: ٣/ ٢٤٩
.

<<  <  ج: ص:  >  >>