للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونهى الله عباده المؤمنين بأن يكونوا مثلهم وأمرهم بإخلاص النيّة والخشية في نصرة دينه وموأزرة نبي صلى الله عليه وسلم.

وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وكانت الزينة لهم على ما قاله ابن عباس وابن إسحاق والسدي والكلبي وغيرهم: إن قريشا لمّا أجمعت المسير ذكرت الذي بينها وبين بني بكر بن عبد مناف بن كنانة من الحرب التي بينها وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب، فكان ذلك أن يثبتهم، فجاء إبليس في جند من الشياطين معه رأيته فتبدّى في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الشاعر الكناني، وكان من أشراف كنانة «١» .

قال الشاعر:

يا ظالمي أنّى تروم ظلامتي ... والله من كل الحوادث خالي

فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ أي التقى الجمعان ورأى إبليس الملائكة نزلوا من السماء وعلم أنّه لا طاقة له بهم نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ قال الضحاك. ولّى مدبرا. قال النضر بن شميل رجع القهقري على قفاه هاربا، وقال قطرب وابان بن ثعلبة: رجع من حيث جاء.

قال الشاعر:

نكصتم على أعقابكم يوم جئتم ... وترجون أنفال الخميس العرمرم

وقال عبد الله بن رواحة: فلمّا رأيتم رسول الله نكصتم على أعقابكم هاربينا.

قال الكلبي: لما التقوا كان إبليس في صف المشركين على صورة سراقة بن كنانة آخذا بيد الحرث بن هشام، ف نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وقال له الحرث: يا سراقة أين؟ أتخذلنا على هذه الحالة؟

فقال له إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ فقال: والله ما نرى إلا جواسيس يثرب. فقال: إِنِّي أَخافُ اللَّهَ.

قال الحرث: فهلّا كان هذا أمس، فدفع في صدر الحرث فانطلق وانهزم الناس، فلمّا قدموا مكة قالوا هزم الناس سراقة فبلغ ذلك سراقة فقال بلغني أنكم تقولون أني هزمت الناس، فو الله ما شعرت حتى بلغني هزيمتكم، فقالوا أما أتيتنا في يوم كذا فحلف لهم، فلمّا تابوا علموا أن ذلك كان الشيطان.

وقال الحسن في قوله: (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ) فأتى إبليس جبرئيل معتجرا بردة يمشي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وفي يده اللجام يقود الفرس ما ركب.

سمعت أبا القاسم الحبيبي سمعت أبا زكريا العنبري، سمعت أبا عبد الله محمد بن


(١) تفسير مجمع البيان: ٤/ ٤٧٧
.

<<  <  ج: ص:  >  >>