للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبقي الاسم عليهم كما بقي الإسلام على أمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم والصابئين زمن استقامتهم من آمن منهم أي مات منهم وهو مؤمن لأنّ حقيقة الإيمان المؤاخاة.

قال: ويجوز أن تكون الواو فيه مضمرا: أي ومن آمن بعدك يا محمد إلى يوم القيامة.

والطريق الآخر: إنّ المذكورين في أول الآية بالإيمان إنّما هو على طريق المجاز والتسمية دون الحكم والحقيقة، ثمّ اختلفوا فيه:

فقال بعضهم: إنّ الذين آمنوا بالأنبياء الماضين والكتب المتقدمة ولم يؤمنوا بك ولا بكتابك.

وقال آخرون: يعني به المنافقين أراد: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بألسنتهم ولم يؤمنوا بقلوبهم، ونظير هذه الآية قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالَّذِينَ هادُوا: أي اعتقدوا اليهودية وهي الدين المبدّل بعد موسى عليه السّلام، وَالنَّصارى: هم الذين اعتقدوا النصرانية والدّين المبدّل بعد عيسى، وَالصَّابِئِينَ: يعني أصناف الكفّار مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ من جملة الأصناف المذكورين في الآية.

وفيه اختصار وإضمار تقديره: من آمن منهم بالله واليوم الآخر لأنّ لفظ (من) يصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث.

قال الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ «١» وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ «٢» وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ «٣» . قال وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ «٤» ، وقال الفرزدق في التشبيه:

تعال فإن عاهدتني لا تخونني ... تكن مثل من ناديت يصطحبان «٥»

وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فيما قدّموا.

وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما خلّفوا، وقيل: لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ بالخلود في النار، ولا يحزنون بقطيعه الملك الجبّار، ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من الكبائر وإنّي أغفرها، وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على الصغائر فإنّي أكفّرها.

وقيل: لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فيما تعاطوا من الإجرام، وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما اقترفوا من الآثام لما سبق لهم من الإسلام الآثام.


(١) سورة الأنعام: ٢٥.
(٢) سورة يونس: ٤٣.
(٣) سورة يونس: ٤٢.
(٤) سورة الأحزاب: ٣١.
(٥) لسان العرب: ١٣/ ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>