للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم موسى وهم ستمائة ألف وعشرون ألفا لا يعدّ فيهم ابن سبعين سنة ولا ابن عشرين سنة، [إلى البحر وقال لكما] «١» القبط تلك الليلة، فتتبعوا بني إسرائيل حتى أصبحوا وهو قوله:

فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ بعد ما دفنوا أولادهم، فلمّا بلغ فرعون ركب [البحر] ومعه ألف ألف وستمائة ألف.

قال محمد بن كعب: كان في عسكر فرعون مائة ألف حصان أدهم سوى سائر الشهبان، وكان [........] «٢» وكان هارون على مقدمة بني إسرائيل وموسى في الساقة، فلمّا انتهوا إلى البحر وقربت منهم مقدمة فرعون مائة ألف رجل، كل قد غطّى أعلى رأسه ببيضة وبيده حربة، وفرعون خلفهم في الدميم، فقالت بنو إسرائيل لموسى: أين ما وعدتنا؟ هذا البحر أمامنا [إن عبرناه] غرقنا وفرعون خلفنا إن أدركنا قتلنا، ولقد أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا.

ف قالَ موسى: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، وقالَ: كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ، فأوحى الله إليه أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فضربه فلم ينفلق وقال: أنا أقدم منك وأشد خلقا، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن كنه وقل: انفلق أبا خالد بإذن الله عزّ وجل، ففعل ذلك فانفلق البحر وصار اثنا عشر طريقا لكل سبط طريق. وكشف الله عن وجه الأرض فصارت يابسة وارتفع بين كل طريقين جبل.

وكانوا بني عمّ لا يرى بعضهم بعضا ولا يسمع بعضهم كلام بعض، فقال كل فريق: قد غرق أصحابنا فأوحى الله تعالى إلى الجبال من الماء تشبّكي فتشبكت وصارت فيه شبه الخروق فجعل ينظر بعضهم إلى بعض.

فلمّا وصل فرعون بجنوده إلى البحر ورأوا البحر بتلك الهيئة قال فرعون: هابني البحر، وهابوا دخول البحر، وكان فرعون على حصان أدهم ولم يكن في خيل فرعون فرس أنثى، فجاء جبرئيل على فرس وديق «٣» وخاض البحر وميكائيل يسوقهم، لا يشذ رجل منهم إلّا ضمّه إليهم.

فلما شمّ أدهم فرعون ريح فرس جبرئيل، وفرعون لا يراه انسلّ خلف فرس جبريل ولم يملك فرعون من أمره شيئا واقتضمت الخيول في الماء، فلما دخل آخرهم البحر وهمّ أولهم أن يخرج انطبق الماء عليهم، فلمّا أدرك فرعون الغرق: قال آمنت بالذي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ فدسّ جبرئيل في فيه من حمأة البحر، وقال: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ.

قال أبو بكر الوراق: قال الله لموسى وهارون: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى حين لم ينفعه تذكّره وخشيته.


(١) هكذا في الأصل.
(٢) بياض في المخطوط.
(٣) وديق: تشتهي الفحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>