للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال كعب: لمّا أمسك نيل مصر عن الجري قالت القبط لفرعون: [إن كنت ربّنا فأجر لنا الماء] ، فركب وأمر جنوده بالركوب وكان مناديه ينادي كل ساعة: ليقف فلان بجنوده قائدا قائدا فجعلوا يقفون على درجاتهم [وقفز] حتى بقي هو وخاصته، فأمرهم بالوقوف حتى بقي في حجّابه وخدّامه، فأمرهم بالوقوف وتقدّم وحده بحيث لا يرونه [ونزل عن دابته] ولبس ثيابا أخر وسجد وتضرع إلى الله، فأجرى الله تعالى له الماء فأتاه جبرئيل وحده في هيئة مستفت وقال: ما يقول الأمير في رجل له عبد قد نشأ في نعمته لا سيد له غيره، فكفر نعمته وجحد حقّه وادعى السيادة دونه؟ [فكتب فرعون: جزاؤه أن يغرق في البحر] «١» .

فلمّا أخبر موسى قومه بهلاك فرعون وقومه قالت بنو إسرائيل: ما مات فرعون ولا يموت أبدا، فأمر الله تعالى بالبحر فألقى فرعون على الساحل أحمر قصير كأنه ثور فتراءاه بنو إسرائيل، البحر حتى جازوه، وقرأ الحسن [وجوزنا، وهما لغتان] .

فَأَتْبَعَهُمْ فأدركهم، يقال: تبعه وأتبعه إذا أدركه ولحقه، واتّبعه بالتشديد إذا سار خلفه [واقتدى به] فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ.

بَغْياً وَعَدْواً ظلما واعتداء، يقال: عدا يعدو عدوا مثل: غزا يغزو غزوا، وقرأ الحسن (عُدُوّا) بضم العين وتشديد الواو مثل: علا يعلو علوّا. قال المفسرون: بَغْياً في القول وَعَدْواً في الفعل.

حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ أي أحاط به قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ قرأ حمزة والكسائي وخلف إنّه بالكسر أي آمنت وقلت: إنّه، وهي قراءة عبد الله. وقرأ الآخرون: أنّ بالفتح لوقوع آمَنْتُ عليها، وهي اختيار أبو عبيد وأبي حاتم.

لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قال جبرئيل آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «قال لي جبرئيل: ما أبغضت أحدا من عباد الله إلّا أنا أبغضت عبدين أحدهما من الجنّ والآخر من الأنس، فأما من الجنّ فإبليس حين أبى بالسجود لآدم وأما من الإنس ففرعون حين قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى، ولو رأيتني يا محمد وأنا أدسّ الطين في فيه مخافة أن تدركه الرحمة» [٨٦] «٢» .


(١) زيادة عن تفسير القرطبي: ٨/ ٣٧٨.
(٢) جامع البيان للطبري: ١٩/ ١٠٢ بتفاوت يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>