للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ بُعْداً هلاكا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الكافرين،

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «في أوّل يوم من رجب وفي بعض الأخبار: لعشر مضت من رجب- ركب نوح في السفينة فصام هو ومن معه وجرت بهم السفينة ستة أشهر، ومرّت بالبيت فطاف به سبعا وقد رفعه الله من الغرق، وأرسيت السفينة على الجودي يوم عاشوراء، فصام نوح وأمر جميع من معه من الوحوش والدواب فصاموا شكرا لله عزّ وجلّ» [٩٨] «١» .

وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وقد وعدتني أن تنجيني وأهلي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ أي الصدق وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ أي تحكم على قوم بالنجاة وعلى قوم بالهلاك.

قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ وقرأ أهل الكوفة (عَمِلَ) بكسر الميم وفتح اللام، غَيْرَ بنصب الراء على الفعل ومعناه: إنه عمل الشرك والكفر، وقرأ الباقون عَمَلٌ بفتح الميم وضمّ اللام وتنوين غير بالرفع ومعناه: إنّ سؤالك إياي أن أنجيه عمل غير صالح.

فَلا تَسْئَلْنِ يا نوح ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ بما لا تعلم وقرأ ابن كثير بتشديد النون وفتحه، وقرأ أهل المدينة والشام بتشديد النون وكسره.

إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ واختلفوا في هذا الابن فقال بعضهم: إنه لم يكن ابن نوح، ثم اختلفوا فيه، فقال بعضهم: كان ولد خبث من غيره، ولم يعلم بذلك نوح، فقال الله تعالى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ أي من ولدك، وهو قول مجاهد والحسن، وقال قتادة: سألت الحسن عنه فقال: والله ما كان بابنه، وقرأ فَخانَتاهُما فقال: إن الله حكى عنه إنه قال: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي، وقال: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وأنت تقول: لم يكن ابنه، وإن أهل الكتابين لا يختلفون في انه كان ابنه. فقال الحسن: ومن يأخذ دينه من أهل الكتاب، إنهم يكذبون.

وقال ابن جريج: ناداه وهو يحسب أنه ابنه، وكان ولد على فراشه، وقال عبيد بن عمير، نرى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنما قضى أن الولد للفراش من أجل ابن نوح،

وقال بعضهم: إنه كان ابن امرأته واستدلّوا بقول نوح: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ولم يقل: منّي، وهو قول أبي جعفر الباقر.

وقال الآخرون: كان ابنه ومن فصيلته، ومعنى قوله: إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم، وقالوا: ما بغت امرأته ولا امرأة لوط وإنما كانت خيانتهما في الدين لا في الفراش، وذلك أن هذه كانت تخبر الناس أنه مجنون، وهذه كانت تدلّ على الأضياف، وهو قول ابن عباس وعكرمة والضحاك وسعيد بن جبير وميمون بن مهران.

قال أبو معاوية البجلي: قال رجل لسعيد بن جبير: قال نوح إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي، أكان ابن نوح؟ فسبّح طويلا، وقال: لا إله إلّا الله يحدث الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم انه ابنه وتقول ليس ابنه، كان


(١) تفسير الطبري: ١٢/ ٦١، وتاريخ الطبري: ١/ ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>