للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ يعني نمرود بن كنعان وغيره من الكفار وأهل الأوثان أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ. أَوْ يَأْخُذَهُمْ العقاب فِي تَقَلُّبِهِمْ تصرفهم في أسفارهم بالليل والنهار فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ مسابقي الله أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ.

قال الضحاك والكلبي: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ يعني يأخذ طائفة ويدع فتخاف الطائفة الباقية أن ينزل بها ما نزل بصاحبتها.

وقال سائر المفسرين: التخوّف: التنقّص، يعني ينقص من أطرافهم ونواصيهم الشيء بهذا الشيء حتّى يهلك جميعهم.

يقال: تخوّف مال فلان الإنفاق، إذا انتقصه وأخذه من حافاته وأطرافه.

وقال الهيثم بن عدي: هي لغة لازد شنوءة، وأنشد:

تخوّف عدوهم مالي وأهدى ... سلاسل في الحلوق لها صليل «١»

قال سعيد بن المسيب: بينما عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على المنبر فقال: يا أيها الناس ما تقولون في قول الله: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فسكت الناس، فقام شيخ فقال: يا أمير المؤمنين هذه لغتنا في هذيل، التخوّف: التنقص، فقال عمر: وهل تعرف العرب ذلك في أشعارهم قال: نعم، قال شاعرنا أبو كبير الهذلي: [يصف ناقة تنقص السير سنامها بعد تمكه واكتنازه] «٢» .

تخوّف السير منها تامكا قردا ... كما تخوف عود النبعة السفن «٣»

فقال عمر:

يا أيها الناس عليكم بديوانكم الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم «٤» فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ يعني لم يعجّل العقوبة أَوَلَمْ يَرَوْا قرأ حمزة والكسائي وخلف ويحيى والأعمش: (تروا) بالتاء على الخطاب، وقرأ الآخرون بالياء خبرا عن الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ وهو اختيار الأئمة.


(١) غريب الحديث: ٢/ ٨٣٥.
(٢) زيادة عن تفسير القرطبي، وفي تاج العروس: أنضاها السير ونسبه لذي الرملة. [.....]
(٣) تاج العروس: ٩/ ٢٣٦ ولسان العرب: ٩/ ١٠١، ونسبه لابن مقبل وقال في ج ١٣/ ٢١٠: قال الصاغاني: وعزاه الأزهري لابن مقبل وهو لعبد الله بن عجلان النهدي، وفي الأغاني نسبه لابن مزاحم الثمالي.
(٤) انظر تفسير القرطبي: ١٠/ ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>