(رضي الله عنه) قال: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا رأى سهيلا قال: لعن الله سهيلا إنّه كان عشارا باليمن ولعن الله الزّهرة فإنّها فتنت ملكين.
وقال مجاهد: كنت مع ابن عمر ذات ليلة فقال لي: أرمق بالكوكبة يعني الزّهرة فإذا طلعت فأيقظني. فلما طلعت أيقظته فجعل ينظر إليها ويسبّها سبّا شديدا. فقلت: رحمك الله سببت نجما سامعا مطيعا ما له ليسبّ؟ فقال: إنّ هذه كانت بغيا. فلقى ملكان منها ما لقيا.
وقال ابن عمر إذا رأى الزهرة قال: لا مرحبا بها ولا أهلا وروى أبو عثمان [المرندي] عن ابن عبّاس: إنّ المرأة التي فتنت بها الملكان مسخت فهي هذه الكوكبة الحمراء يعني الزهرة قال: وكان يسميها بيذخت. وأنكر الآخرون هذا القول. قالوا: ان الزهرة من الكواكب السبعة السّيارة الّتي جعلها الله تعالى قواما للعالم وأقسم بها فقال: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ «١» . قلنا كانت هذه الّتي فتنت هاروت وماروت امرأة كانت تسمى زهرة من جمالها فلمّا بغت مسخها الله تعالى شهابا فلمّا رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الزهرة ذكر هذه المرأة لموافقة الاسمين فلعنها، وكذلك سهيل العشار ولمّا رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم النجم ذكره فلعنه ويدلّ عليه ما روى قيس ابن عبّاد عن ابن عبّاس في هذه القصّة:
قال: كانت امرأة فضّلت على النّاس كما فضّلت الزّهرة على سائر الكواكب، ومثله قال كعب الأحبار والله أعلم.
قالوا: فلمّا أمسى هاروت وماروت بعد ما قارفا الذنب همّا بالصعود إلى السّماء فلم تطاوعهما أجنحتهما فعلما ما حلّ بهما فقصدا إدريس النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأخبراه بأمرهما وسألاه أن يشفع لهما إلى الله عزّ وجلّ فقالا له: إنّا رأيناك يصعد لك من العبادة مثل ما يصعد لجميع أهل الأرض فاستشفع لنا إلى ربّك؟
ففعل ذلك إدريس فخيّرهما الله تعالى بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدّنيا إذ علما إنّه ينقطع فهما ببابل يعذّبان.
واختلف العلماء في كيفية عذابهما فقال عبد الله بن مسعود: هما معلّقان بشعورهما إلى قيام السّاعة.
قتادة: كبّلا من أقدامهما إلى أصول أفخاذهما.
مجاهد: إنّ جبّا ملئت نارا فجعلا فيها حضيف معلّقان منكسان في السلاسل.