للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السّدي وعطاء: فإن أبى إلّا التعلّم قالا له: ائت هذا الرّماد فبل عليه فيخرج منه نور ساطع في السّماء فتلك المعرفة وينزل شيء أسود حتّى يدخل مسامعه يشبه الدّخان وذلك غضب الله عزّ وجلّ.

قال مجاهد: إنّ هاروت وماروت لا يصل إليهما أحد ويختلف فيما بينهما شيطان في كل مسألة اختلافة واحدة.

وقال يزيد بن الأصم: سئل المختار: هل يرى اليوم أحد هاروت وماروت؟

قال: أما منذ اؤتفكت بابل ائتفاكها الآخر لم يرهما أحد.

قال قتادة: السحر سحران: سحر تعلّمهم الشياطين وسحر يعلّمه هاروت وماروت وهو قوله تعالى فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وهو أن يؤخذ كلّ واحد منهما عن صاحبه ويبغّض كل واحد إلى صاحبه.

وفي (المرء) أربع قراءات: قرأ الحسن: المرّ بفتح الميم وتشديد الرّاء جعله عوضا عن الهمزة.

وقرأ الزهري: المُرء بضم الميم والهمزة.

وحكى يعقوب عن جدّه: بكسر الميم والهمزة.

وقرأ الباقون: بفتح الميم والهمزة.

وأمّا كيفية تعليمهما السّحر فقد ورد فيه خبر جامع وهو ما روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النّبي صلّى الله عليه وسلّم: أنّها قالت: قدمت عليّ امرأة من أهل دومة الجندل جاءت تبتغي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد موته حداثة ذلك تسأله عن شيء دخلت فيه من أمر السّحر قالت عائشة لعروة: يا ابن أختي فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكانت تبكي حتّى إنّي لأرحمها بقولي واني لأخاف أن تكون قد هلكت، قالت كان لي زوج فغاب عنّي فدخلت على عجوز وشكوت إليها ذلك فقالت: إن فعلت ما أمرتك به فأجعله يأتيك فلمّا كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبت أحدهما وركبت الأخر فلم يكن حتّى وقفنا على بابل، فإذا برجلين معلّقين بأرجلهما فقالا: ما جاء بك؟ فقلت أتعلم السحر.

فقالا: إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فلا تكفري وارجعي فأبيت فقلت: لا.

قالا: فاذهبي إلى ذلك التنوّر فبولي فيه فذهبت ففزعت ولم أفعل فرجعت إليهما فقالا:

فعلت، قلت: نعم. فقالا هل رأيت شيئا؟ قلت: لم أر شيئا.

فقالا: لم تفعلي ارجعي إلى بلدك ولا تكفري فأبيت، فقالا: اذهبي إلى التنوّر فبولي فيه.

فذهبت فاقشعرّ جلدي وخفت ثمّ رجعت إليهما فقلت قد فعلت. قالا: فما رأيتي؟

<<  <  ج: ص:  >  >>