للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه، فقال ذات يوم: «رحمة الله علينا وعلى أخي موسى، لو لبث مع صاحبه لأبصر العجب [العجاب] «١» ، ولكنه قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً» «٢» [٨٩] .

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ قال ابن عباس: يعني أنطاكية. وقال ابن سيرين: أيلة «٣» ، وهي أبعد أرض الله من السّماء اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما، أي ينزّلوهما منزلة الأضياف وذلك أنهما استطعماهم فلم يطعموهما، واستضافاهم فلم يضيفوهما.

[أخبرنا عبد الله بن حامد عن أحمد بن عبد الله عن محمد بن عبد الله بن سلمان عن يحيى بن قيس عن أبي إسحاق عن] «٤» سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:

فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما قال: «كانوا أهل قرية لئاما» [٩٠] «٥» .

وقال قتادة في هذه الآية: شر القرى التي لا تضيف الضيف، ولا تعرف لابن السبيل حقّه.

فَوَجَدا فِيها، أي في القرية جِداراً، قال وهب: كان جدارا طوله في السماء مائة ذراع، يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ هذا من مجاز الكلام، لأن الجدار لا إرادة له، وإنما معناه: قرب ودنا من ذلك، كقول الله تعالى: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ «٦» . قال ذو الرمّة:

قد كاد أو [قد] هم بالبيود «٧»

وقال بعضهم: إنما رجع إلى صاحبه، لأن هذه الحالة إذا كانت من ربّه فهو إرادته، كقول الله تعالى: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ «٨» وإنما يسكت صاحبه. وقال: فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ «٩» وإنما يعزم أهله. قال الحارثي:

يريد الرمح صدر أبي براء ... ويرغب عن دماء بني عقيل «١٠»

وقال عقيل:


(١) من عرائس المجالس، وفي المخطوط: الأعاجب.
(٢) السنن الكبرى: ٦/ ٣٩٢، وفيه: العاجب، بدل: العجاب.
(٣) من عرائس المجالس، وفي المخطوط: الأيلة.
(٤) زيادة عن نسخة أصفهان.
(٥) كنز العمال: ٢/ ٤٦١ ح ٤٥٠٠.
(٦) سورة مريم: ٩٠.
(٧) جامع البيان للطبري: ١٥/ ٢٩٠.
(٨) سورة الأعراف: ١٥٤.
(٩) سورة محمد: ٢١.
(١٠) جامع البيان للطبري: ١٥/ ٣٥٨، ولسان العرب: ٣/ ١٨٩ وفيه ويعدل بدل ويرغب.

<<  <  ج: ص:  >  >>