للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنزل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا لكي لا يجد اليهود بذلك سبيلا إلى شتم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وفي هذه اللفظة ثلاث قراءات:

قرأ الحسن راعناً بالتنوين أراد قولا راعنا: أي حقا من الرعونة فحذف الاسم وأبقى الصّفة. كقول الشاعر:

ولا مثل يوم في قدار ظله ... كأني وأصحابي على قرن أعفرا

أراد قرن ظبي أعفر. حذف الاسم وأبقى النعت.

وقرأ أبي بن كعب: راعونا بالجمع.

وقرأت العامّة: راعِنا بالواحد من المراعاة. يقال: أرعى إلى الشيء وأرعاه وراعاه. إذا أصغى إليه واستمعه. مثل قولهم: عافاه الله وأعفاه.

قال مجاهد: لا تقولوا راعناً: يعني خلافا.

يمان: هجرا.

الكسائي: شرّا.

وَقُولُوا انْظُرْنا قال أبي بن كعب: أَنظرنا بقطع الألف أي أخرنا، وقرأت العامّة موصولة أي انظر إلينا. فحذف حرف التعدية كقول قيس بن الحطيم:

ظاهرات الجمال والحسن ينظرن ... كما ينظر الأراك الظّبا

أي إلى الأراك، وقيل: معناه انتظرنا وتأننا. كقول امرؤ القيس:

فإنكما أن تنظراني ساعة ... من الدهر تنفعني لدى أم جندب

وقال مجاهد: معناه فهّمنا، وقال يمان: بيّن لنّا وَاسْمَعُوا ما تؤمرون به، والمراد به أطيعوا لأنّ الطّاعة تحت السّمع.

وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني اليهود.

ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ الآية: وذلك إنّ المسلمين كانوا إذا قالوا لحلفائهم من اليهود: آمنوا بمحمّد قالوا: ما هذا الّذي تدعوننا إليه بخير مما نحن عليه ولو [هدانا] «١» لكان خيرا. فأنزل الله تعالى تكذيبا لهم (ما يَوَدُّ) : يريد ويتمنى الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ يعني اليهود.


(١) كلمة غير مقروءة في المخطوط والظاهر ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>