للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يساجلني يساجل ماجدا ... يملأ الدلو إلى عقد الكرب «١»

ثم بنى هذا الاسم على فعل مثل طمر وقلز. والطي في هذه الآية يحتمل معنيين:

أحدهما: الدرج الذي هو ضدّ النشر قال الله سبحانه وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ «٢» .

والثاني: الإخفاء والتعمية والمحو والطمس لأنّ الله سبحانه يمحو رسومها ويكدر نجومها، قال الله سبحانه وتعالى إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ «٣» تقول العرب:

اطو عن فلان هذا الحديث أي استره وأخفه.

ثمّ ابتدأ واستأنف الكلام فقال عزّ من قائل كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ قال أكثر العلماء:

كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عزّلا كذلك نعيدهم يوم القيامة، نظيرها قوله سبحانه وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ «٤» وقوله عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا. لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ

«٥» .

ودليل هذا التأويل ما

روى ليث عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعندي عجوز من بني عامر فقال: من هذه العجوز يا عائشة؟ فقلت: إحدى خالاتي، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنّة فقال: إنّ الجنّة لا يدخلها العجّز، فأخذ العجوز ما أخذها «٦» .

فقال (عليه السلام) : إنّ الله ينشئهنّ خلقا غير خلقهن، قال الله تعالى إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً «٧» الآية ثمّ قال: يحشرون يوم القيامة عراة حفاة غلفا، فأوّل من يكسى إبراهيم صلوات الله عليه» .

فقالت عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: وا سوأتاه فلا تحتشم الناس بعضهم بعضا؟

قال: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ «٨» ، ثم قرأ رسول الله كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ كيوم ولدته أمه.


(١) لسان العرب: ١١/ ٣٢٦.
(٢) سورة الزمر: ٦٧.
(٣) سورة التكوير: ١- ٢.
(٤) سورة الأنعام: ٩٤.
(٥) سورة الكهف: ٤٨.
(٦) جامع البيان للطبري: ١٧/ ١٣٤.
(٧) سورة الواقعة: ٣٥.
(٨) سورة عبس: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>