للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عباس: يقول: نهلك كلّ شيء كما كان أول مرّة، وقيل: كما بدأناه من الماء نُعِيدُهُ من التراب.

وَعْداً عَلَيْنا نصب على المصدر يعني وعدناه وعدا علينا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ يعني الإعادة والبعث.

وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ قرأ الأعمش وحمزة: الزُّبُورِ بضم الزاي، وغيرهما يقرءون بالنصب وهو بمعنى المزبور كالحلوب والركوب، يقال: زبرت الكتاب وذبرته إذا كتبته، واختلفوا في معنى الزبور في هذه الآية، فقال سعيد بن جبير ومجاهد وابن زيد: عنى بالزبور الكتب المنزلة وبالذكر أمّ الكتاب الذي عنده.

وقال ابن عباس والضحّاك: الذكر التوراة والزبور الكتب المنزلة من بعد التوراة.

وقال الشعبي: الزبور كتاب داود والذكر التوراة.

وقال بعضهم: الزبور زبور داود والذكر القرآن، وبعد بمعنى قبل كقوله وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ «١» أي أمامهم، وقوله وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها «٢» أي قبل ذلك أَنَّ الْأَرْضَ يعني أرض الجنّة يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ يعني أمة محمد (عليه السلام) قاله مجاهد وأبو العالية، ودليل هذا التأويل قوله وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ.

وقال ابن عباس: أراد أنّ الأرض في الدنيا تصير للمؤمنين، وهذا حكم من الله سبحانه بإظهار الدّين وإعزاز المسلمين وقهر الكافرين.

قال وهب: قرأت في عدّة من كتب الله أنّ الله عزّ وجلّ قال: إنّي لأورث الأرض عبادي الصالحين من أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم.

إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً وصولا إلى البغية، من اتّبع القرآن وعمل به وصل إلى ما يرجو من الثواب، فالقرآن زاد الجنة كبلاغ المسافر.

لِقَوْمٍ عابِدِينَ أي مؤمنين يعبدون الله سبحانه وتعالى.

وقال ابن عباس: عالمين، وقال كعب الأحبار: هم أمّة محمد أهل الصلوات الخمس وشهر رمضان، سمّاهم الله سبحانه وتعالى عابدين.


(١) سورة الكهف: ٧٩.
(٢) سورة النازعات: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>