للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ قال المفسّرون: الصلاة لبني آدم، والتسبيح عام لغيرهم من الخلق وفيه وجوه من التأويل:

أحدها: كلّ مصلّ ومسبّح قد علم الله صلاته وتسبيحه.

والثاني: كلّ مسبّح ومصلّ منهم قد علم صلاة نفسه وتسبيحه الذي كلّفه الله، وقد علم كلّ منهم صلاة الله من تسبيحه. وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي تقديرها وتدبير أمورها وتصريف أحوالها كما يشاء وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي يسوق سَحاباً الى حيث يريد ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ أي يجمع بين قطع السحاب المتفرّقة بعضها إلى بعض، والسّحاب جمع، وإنما ذكر الكناية على اللفظ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً متراكما بعضه فوق بعض فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وسطه وهو جمع خلل، وقرأ ابن عباس والضحاك من خلله.

وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ أي البرد، ومن صلة، وقيل: معناه وينزل من السماء قدر جبال أو مثال جبال من برد إلى الأرض، فمن الأولى للغاية لأنّ ابتداء الإنزال من السماء، والثانية: للتبعيض لأنّ البرد بعض الجبال التي في السماء، والثالثة: لتبيين الجنس لأنّ جنس تلك الجبال جنس البرد فَيُصِيبُ بِهِ أي بالبرد مَنْ يَشاءُ فيهلكه ويهلك زروعه وأمواله، وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ أي ضوء برق السحاب يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ من شدّة ضوئه وبريقه، وقرأ أبو جعفر: يُذْهِبُ بضم الياء وكسر الهاء، غيره: من الذهاب.

يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يصرفهما في اختلافهما ويعاقبهما إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكرت من هذه الأشياء لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ لذوي العقول.

أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا أبو بكر بن مالك القطيعي قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «قال الله عزّ وجل: يؤذيني ابن آدم بسبّ الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلّب الليل والنهار» «١» [٦٨] .


(١) صحيح البخاري: ٦/ ٤١. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>