للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لسعد: لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة، ثمّ استنزلوا فحبسهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم في دار بنت الحارث امرأة من بني النجّار، ثمّ خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى سوق المدينة التي هي سوقها اليوم، فخندق بها خندقا ثمّ بعث إليهم فضرب أعناقهم، فهم في تلك الخنادق يخرج بهم إليه أرسالا وفيهم عدوّ الله حيي بن أخطب، وكعب بن أسد رأس القوم وهم ستمائة أو سبعمائة والمكثر لهم يقول: كانوا من الثمانمائة إلى التسعمائة.

وقيل: قالوا لكعب بن أسد وهو يذهب بهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أرسالا: يا كعب ما ترى أن يصنع بنا؟ فقال كعب: في كلّ موطن لا تعقلون! ألا ترون أنّ الداعي لا ينزع وأنّ من يذهب به منكم لا يرجع، هو والله القتل. فلم يزل ذلك دأبهم حتى فرغ منهم رسول الله صلّى الله عليه وأتي بحيي بن أخطب عدوّ الله وعليه حلة تفاحية قد شققها عليه من كلّ ناحية كموضع الأنملة [أنملة أنملة] لئلّا يسلبها، مجموعه يداه إلى عنقه بحبل، فلمّا نظر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: أما والله ما لمت نفسي في عداوتك، ولكنّه من يخذل الله يخذل، ثمّ أقبل على الناس، فقال: أيّها الناس، إنّه لا بأس بأمر الله، كتاب الله وقدره، وملحمة كتبت على بني إسرائيل، ثمّ جلس فضربت عنقه فقال هبل «١» بن حواس [الثعلبي] «٢» :

لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه ... ولكنه من يخذل الله يخذل

يجاهد حتى أبلغ النفس عذرها ... وقلقل يغبي العز كل مقلقل «٣»

وروى عروة بن الزبير عن عائشة قالت: لم يقتل من نساء بني قريظة إلّا امرأة واحدة، قالت: والله إنّها لعندي تتحدّث معي وتضحك ظهرا، ورسول الله صلّى الله عليه يقتل رجالهم بالسوق إذ هتف هاتف باسمها: أين فلانة؟ قالت: أنا والله. قالت: قلت: ويلك ما لك؟

قالت: أقتل. قلت: ولم؟ قالت: حدث أحدثته. قال: فانطلق بها فضربت عنقها، وكانت عائشة تقول: ما أنسى كذا عجبا منها طيب نفس، وكثرة ضحك، وقد عرفت أنّها تقتل.

قال الواقدي: واسم تلك المرأة بنانة امرأة الحكم القرظي، وكانت قد قتلت خلّاد بن سويد، رمت عليه رحا، فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بها وضربت عنقها بخلّاد بن سويد، وكان علي والزبير يضربان أعناق بني قريظة ورسول الله صلّى الله عليه وسلم جالس هناك.

وروى محمد بن إسحاق عن الزهري أنّ الزبير بن باطا القرظي- وكان يكنى أبا عبد الرحمن- كان قد منّ على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية يوم بغاث أخذه فجرّ ناصيته، ثمّ خلّى سبيله، وجاءه يوم قريظة، وهو شيخ كبير فقال: يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني؟


(١) في تفسير الطبري (٢١/ ١٨٥) جبل بن جوال.
(٢) هكذا يظهر في الأصل ولعله: الثعلبي.
(٣) البداية والنهاية: ٤/ ١٤٣. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>