للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: وهل يجهل مثلي مثلك؟ قال: إنّي قد أردت أن أجزيك بيدك عندي، قال: إنّ الكريم يجزي الكريم، قال: ثمّ أتى ثابت رسول الله صلّى الله عليه فقال: يا رسول الله قد كان للزبير عندي يد وله عليّ منّة، وقد أحببت أن أجزيه بها فهب لي دمه، فقال رسول الله صلّى الله عليه: «هو لك» .

فأتاه فقال له: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد وهب لي دمك. فقال: شيخ كبير لا أهل له ولا ولد فما يصنع بالحياة؟ فأتى ثابت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أهله وولده؟ فقال: «هم لك» .

فأتاه فقال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد أعطاني امرأتك وولدك فهم لك. فقال: أهل بيت بالحجاز لا مال لهم فما بقاؤهم على ذلك؟ فأتى ثابت رسول الله فقال: يا رسول الله ماله. فقال: هو لك، فأتاه فقال: إنّ رسول الله قد أعطاني مالك فهو لك. فقال أي ثابت: ما فعل الذي كأنّ وجهه مرآة صينية تتراءى فيها عذارى الحي كعب بن أسد قال: قتل. قال: فما فعل سيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب؟ قال: قتل. قال: فما فعل مقدمنا إذا شددنا، وحامينا إذا كررنا أعزال ابن سموأل؟ قال: قتل. قال: فما فعل المجلسان؟ يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة، قال: ذهبوا قتلوا، قال: وإنّي اسألك بيدي عندك يا ثابت إلّا ألحقتني بالقوم، فو الله ما في العيش بعد هؤلاء من خير، فها أنا صابر لله حتى ألقى الأحبّة، فقدّمه ثابت فضرب عنقه، فلمّا بلغ قوله أبا بكر ألقى الأحبّة، فقال: يلقاهم والله في نار جهنّم خالدا فيها مخلّدا أبدا، فقال ثابت بن قيس في ذلك:

وفت ذمّتي إني كريم وإنّني ... صبور إذا ما القوم حادوا عن الصبر

وكان زبير أعظم الناس منّة ... عليّ فلما شد كوعاه بالأسر

أتيت رسول الله كي ما أفكّه ... وكان رسول الله بحرا لنا يجري «١»

قالوا: وكان رسول الله صلّى الله عليه قد أمر بقتل من أسر منهم، فسألته سليمى بنت قيس أمّ المنذر أخت سليط بن قيس- وكانت إحدى خالات رسول الله صلّى الله عليه وكانت قد صلّت معه القبلتين وبايعته بيعة النساء- رفاعة بن سموأل القرظي وكان رجلا قد بلغ، فلاذ بها وكان يعرفها قبل ذلك فقالت: يا نبي الله بأبي أنت وأمّي هب لي رفاعة بن سموأل، فإنّه زعم أنّه سيصلّي ويأكل لحم الجمل، فوهبه لها [فاستحيته] «٢» قالوا: ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه قسّم أموال بني قريظة ونساءهم وأبناءهم على المسلمين، وأعلم في ذلك اليوم سهمان للخيل وسهمان للرجال، وأخرج منها الخمس، وكان للفارس ثلاثة أسهم: للفرس سهمان وللفارس سهم «٣» ، وللرّاجل ممّن ليس له فرس سهم، وكانت الخيل يوم بني قريظة ستّة وثلاثون فرسا،


(١) تاريخ الطبري: ٢/ ٢٥٢.
. (٢) هكذا في الأصل.
(٣) سيرة ابن هشام: ٣/ ٢٥٥، وعيون الأثر لابن سيد الناس: ٢/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>