للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقبلت نحوهم وطبقت الآفاق، ثم أرسل الله تعالى عليهم المطر وأغاثهم وحييت بلادهم. فلما كشف الله عنهم الضر نقضوا العهد، ولم ينزغوا عن كفرهم، ولم يقلعوا عن ضلالتهم، وأقاموا على حيث ما كانوا عليه، فلما رأى إلياس ذلك دعا ربه عز وجل أن يريحه منهم، فقيل له- فيما يزعمون- انظر يوم كذا وكذا، فاخرج فيه إلى موضع كذا، فما جاءك من شيء فاركبه ولا تهبه.

فخرج إلياس ومعه اليسع بن أحطوب، حتى إذا كان بالموضع الذي أمر، أقبل فرس من نار حتى وقف بين يديه، فوثب عليه إلياس، فانطلق به الفرس، فناداه اليسع: يا إلياس، ما تأمرني؟ فقذف إليه بكسائه من الجوّ الأعلى، وكان ذلك علامة استخلافه إياه على بني إسرائيل، فكان ذلك آخر العهد به، ورفع الله سبحانه إلياس من بين أظهرهم، وقطّع عنه لذّة المطعم والمشرب، وكساه الرّيش، فكان إنسيّا ملكيّا، أرضيّا سماويّا، وسلّط الله تعالى على أجب الملك وقومه عدّوا لهم، فقصدهم من حيث لم يشعروا بهم حتى رهقهم، فقتل أجب ملكهم وأزبيل امرأته في بستان مزدكي، فلم تزل جيفتاهما ملقاتين في تلك الجنينة حتى بليت لحومهما ورمت عظامهما.

ونبّأ الله سبحانه بفضله اليسع، وبعثه رسولا إلى بني إسرائيل وأوحى إليه وأيده بمثل ما أيّد به عبده إلياس، فآمنت به بنو إسرائيل، فكانوا يعظّمونه وينتهون إلى أمره، وحكم الله تعالى فيهم قائم إلى أن فارقهم اليسع.

أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا أبو بكر بن مالك القطيعي قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدّثنا الحسن بن عبد العزيز الجدوي عن ضمرة عن السدي بن يحيى عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: إلياس والخضر عليهما السلام يصومان شهر رمضان بيت المقدس، ويوافيان الموسم في كلّ عام.

وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن ماجة قال: حدّثنا الحسن بن أيوب قال: حدّثنا عبد الله بن أبي زياد قال: حدّثنا يسار قال: حدّثنا بشر بن منصور قال: حدّثني سعيد بن أبي سعيد البصري قال: قال حدّثني العلاء البجلي عن زيد مولى عون الطفاوي عن رجل من أهل عسقلان كان يمشي بالأردن عند نصف النهار، فرأى رجلا فقال: يا عبد الله من أنت؟ قال: فجعل لا يكلمني، قلت: يا عبد الله من أنت؟ قال: «أنا إلياس» قال: فوقعت عليّ رعدة، فقلت: ادع الله يرفع عني ما أجد حتى أفهم حديثك وأعقل عنك. قال: فدعا لي بثماني دعوات: «يا برّ يا رحيم يا حنان يا منان يا حي يا قيوم» ، ودعوتين بالسريانية لم أفهمهما.

قال: ورفع الله عنّي ما كنت أجد، فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين يدي، قال:

فقلت له: يوحى إليك اليوم؟ قال: «منذ بعث الله سبحانه محمدا رسولا فإنه ليس يوحي إليّ» قال: قلت له: كم الأنبياء اليوم أحياء؟ قال: «أربعة، اثنان في الأرض، واثنان في السماء، في

<<  <  ج: ص:  >  >>