للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماء عيسى وإدريس، وفي الأرض إلياس والخضر» . قلت: كم الأبدال؟ قال: «ستون رجلا، خمسون منهم من لدن عريش مصر إلى شاطئ الفرات، ورجل بالمصيصية ورجلان بعسقلان وسبعة في سائر البلدان، كلّما أذهب الله بواحد، جاء الله بآخر، بهم يدفع عن الناس وبهم يمطرون» . قلت: فالخضر أين يكون؟ قال: «في جزائر البحر» . قلت: فهل تلقاه؟ قال: «نعم» .

قلت: أين؟ قال: «بالموسم» قلت: فما يكون من حديثكما؟ قال: «يأخذ من شعري وآخذ من شعره» .

قال: وذاك حين كان بين مروان بن الحكم وبين أهل الشام القتال، فقلت: فما تقول في مروان بن الحكم؟ قال: «ما تصنع به؟ رجل جبّار عات على الله سبحانه، القاتل والمقتول والشاهد في النار» . قال: قلت: فإني قد شهدت فلم أطعن برمح ولم أرم بسهم ولم أضرب بسيف، وأنا أستغفر الله عز وجل من ذلك المقام أن أعود إلى مثله أبدا.

قال: «أحسنت، هكذا فكن» .

قال: فأني وإياه قاعدان، إذ وضع بين يديه رغيفان أشد بياضا من الثلج، أكلت أنا وهو رغيفا وبعض آخر ثم رفع فما رأيت أحدا وضعه ولا أحدا رفعه. قال: وله ناقة ترعى في وادي الأردن، فرفع رأسه إليها فما دعاها حتى جاءت فبركت بين يديه فركبها، قلت: أريد أن أصحبك. قال: «إنك لا تقدر على صحبتي» . قلت: إني خلوّ، ما لي زوجة ولا عيال. قال:

«تزوج وإياك والنساء الأربع: إياك والناشز والمختلعة والملاعنة والمبارية «١» ، وتزوّج ما بدا لك من النساء» . قال: قلت: إني أحبّ لقاءك. قال: «إذا رأيتني فقد لقيتني «٢» » ، ثم قال: «إني أريد أن أعتكف في بيت المقدس في شهر الله المبارك رمضان» [١٠٣] .

قال: ثم حالت بيني وبينه شجرة، فو الله ما أدري كيف ذهب، فذلك قوله عز وجل: وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ أتعبدون بَعْلًا؟ وهو اسم صنم لهم كانوا يعبدونها، ولذلك سمّيت مدينتهم بعلبك، وقال مجاهد وعكرمة والسدّي: البعل الرب بلغة أهل اليمن، وهي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال ابن عباس: وسألت أعرابيا يقول: لآخر: من بعل هذه الناقة؟ يعني صاحبها. قال الفراء: هي بلغة هذيل.

وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ، فلا تعبدونه: اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ، قرأ حمزة والكسائي وخلف ويعقوب بنصب الهاء والبائين على البدل، وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم ورواية حفص عن عاصم، وقرأ الآخرون برفعها على الاستئناف.

فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ في العذاب والنار إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ من قومه فإنهم


(١) في عرائس المجالس: المبرزة.
(٢) من عرائس المجالس، وفي المخطوط: رأيتني.

<<  <  ج: ص:  >  >>