للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ حالهم، وجمعه بالات. قال سفيان الثوري: وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ لم يخالفوه في شيء. قال ابن عبّاس: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا أهل مكّة. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الأنصار.

ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ يعني الشياطين. وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ يعني القرآن. كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ يبيّن الله للنّاس. أَمْثالَهُمْ أشكالهم.

فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا من أهل الحرب. فَضَرْبَ نصب على الإغراء الرِّقابِ الأعناق، واحدتها رقبة. حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ أي غلبتموهم، وقهرتموهم، وصاروا أسرى في أيديكم. فَشُدُّوا الْوَثاقَ كي لا يفلتوا منكم، فيهربوا. فَإِمَّا مَنًّا عليهم بَعْدُ الأسر، بإطلاقكم إيّاهم من غير عوض، ولا فدية.

وَإِمَّا فِداءً (و) نصبا بإضمار الفعل، مجازه: فإمّا أن تمنّوا عليهم منّا، وإمّا أن تفادوهم، واختلف العلماء في حكم هذه الآية، فقال قوم: هي منسوخة بقوله: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ «١» ... الآية. وقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «٢» ، وإلى هذا القول ذهب قتادة، والضحاك، والسدي، وابن جريج، وهي رواية العوفي، عن ابن عبّاس.

أخبرنا عقيل بن محمّد أنّ أبا الفرج البغدادي أخبرهم، عن محمّد بن جرير، حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثور، عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، قال: كتب إلى أبي بكر رضي الله عنه في أسير أسر، فذكر أنّهم التمسوه بفداء كذا، وكذا، فقال أبو بكر: اقتلوه، لقتل رجل من المشركين أحبّ إليّ من كذا، وكذا.

وقال آخرون: هي محكمة والإمام مخيّر بين القتل، والمنّ، والفداء. وإليه ذهب ابن عمر، والحسن، وعطاء، وهو الاختيار لأنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم والخلفاء الراشدين كلّ ذلك فعلوا،

فقتل رسول الله عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، يوم بدر صبرا فادى سائر أسارى بدر.

وقيل: بني قريظة، وقد نزلوا على حكم سعد، وصاروا في يده سلما ومنّ على أمامة بن أثال الحنفي وهو أسير في يده.

أخبرنا عقيل أنّ أبا الفرج القاضي البغدادي أخبرهم، عن محمّد بن جرير، حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثور، عن معمر، عن رجل من أهل الشام ممّن كان يحرس عمر بن عبد العزيز، قال: ما رأيت عمر قتل أسيرا إلّا واحدا من الترك، كان جيء بأسارى من الترك، فأمر


(١) سورة الأنفال: ٥٧.
(٢) سورة التوبة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>