للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم أن يسترقوا، فقال رجل ممّن جاء بهم: يا أمير المؤمنين لو كنت رأيت هذا- لأحدهم- وهو يقتل المسلمين، لكثر بكاؤك عليهم فقال عمر: قد فدك، فاقتله، فقام إليه فقتله.

حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها «١» أثقالها وأحمالها فلا تكون حرب، وقيل: حتّى تضع الحرب آثامها، وأجرامها، فيرتفع، وينقطع، لأنّ الحرب لا تخلو من الإثم في أحد الجانبين والفريقين. وقيل: معناه حتّى يضع أهل الحرب آلتها وعدّتها أو آلتهم وأسلحتهم فيمسكوا عن الحرب.

والحرب القوم المحاربون كالشرب والركب، وقيل حتّى يضع الأعداء المتحاربون أوزارها وآثامها بأن يتوبوا من كفرهم ويؤمنوا بالله ورسوله. ويقال للكراع: أوزار، قال الأعشى:

وأعددت للحرب أوزارها ... رماحا طوالا وخيلا ذكورا «٢»

ومعنى الآية أثخنوا المشركين بالقتل، والأسر حتّى يظهر الإسلام على الأديان كلّها، ويدخل فيه أهل كلّ ملّة طوعا أو كرها وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ «٣» فلا نحتاج إلى قتال وجهاد، وذلك عند نزول عيسى (عليه السلام) .

وقال الحسن: معناه حتّى لا يعبد إلّا الله. الكلبي: حتّى يسلموا أو يسالموا. ذلِكَ الذي ذكرت وبيّنت من حكم الكفّار وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ فأهلكهم وكفاكم أمرهم بغير قتال.

وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ من حكم الكفّار ونَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ...

وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ قرأ الحسن بضم (القاف) وكسر (التاء) مشدّدا من غير (ألف) ، وقرأ أبو عمرو ويعقوب وحفص بضمّ (القاف) وكسر (التاء) مخفّفا من غير (ألف) ، واختاره أبو حاتم يعني الشهداء، وقرأ عاصم الجحدري قَتَلُوا بفتح (القاف) و (التاء) من غير (ألف) ، يعني والذين قتلوا المشركين.

وقرأ الباقون قاتلوا (بالألف) من المقاتلة، وهم المجاهدون، واختاره أبو عبيد. فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ

قال قتادة: ذكر لنا إنّ هذه الآية أنزلت يوم أحد ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الشعب وقد فشت فيهم الجراحات والقتل، وقد نادى المشركون: أعل هبل، فنادى المسلمون: الله أعلى وأجلّ. فنادى المشركون: يوم بيوم والحرب سجال، لنا عزّى ولا عزّى لكم.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم، إنّ القتال مختلفة، إما قتلانا ف أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، وإمّا قتلاكم ففي النّار يعذّبون» [١٧] «٤» .


(١) سورة محمد: ٤.
(٢) كتاب العين: ٧/ ٣٨١.
(٣) سورة الأنفال: ٣٩.
(٤) جامع البيان للطبري: ٢٦/ ٥٨. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>