للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيَهْدِيهِمْ في الدّنيا إلى الطاعة وفي العقبى إلى الدرجات.

وَيُصْلِحُ بالَهُمْ يرضي خصماءهم، ويقبل أعمالهم وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ أي بيّن لهم منازلهم فيها حتّى يهتدوا إلى مساكنهم، ودرجاتهم التي قسم الله لهم، لا يخطئون، ولا يستدلّون عليها أحد، كأنّهم سكّانها منذ خلقوا، وإنّ الرجل ليأتي منزله منها إذا دخلها كما كان يأتي منزله في الدّنيا، لا يشكل ذلك عليه. وإنّه أهدى إلى درجته وزوجته وخدمه ونعمه منه إلى أهله ومنزله في الدّنيا. هذا قول أكثر المفسّرين، وقال المؤرّخ: يعني طيبها، والعرف: الريح الطيّبة، تقول العرب: عرّفت المرقة إذا طيّبتها بالملح والأبازير، قال الشاعر:

وتدخل أيد في حناجر أقنعت ... لعادتها من الحزير المعرّف «١»

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ أي رسوله ودينه.

يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ على الإسلام، وفي القتال وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ قال ابن عبّاس: بعدا لهم، وقال أبو العالية: سقوطا، وقال الضحّاك: خيبة، وقال ابن زيد: شقا، وقال ابن جرير: حزنا، وقال الفراء: هو نصب على المصدر على سبيل الدعاء، وأصل التعس في النّاس والدواب، وهو أن يقال للعاثر: تعسا، إذا لم يريدوا قيامه، ويقال: أتعسه الله، فتعس وهو متعس، وضدّه لعاء إذا أرادوا قيامه، وقد جمعها الأعمش في بيت واحد يصف ناقته:

بذات لوث غفرناه إذا عثرت ... فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا «٢»

وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ لأنّها كانت في طاعة الشيطان خالية عن الإيمان. ذلِكَ الإضلال، والإبعاد. بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي أهلكهم ودمّر عليهم منازلهم، ثمّ توعّد مشركي قريش. وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها إن لم يؤمنوا ذلِكَ الذي ذكرت، وفعلت بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وليّهم، وناصرهم، وحافظهم، وفي حرف ابن مسعود ذلك بأنّ الله ولي الّذين آمنوا.

وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا محلّه رفع على الابتداء يَتَمَتَّعُونَ في الدّنيا وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ ليس لهم همّة إلّا بطونهم، وفروجهم، وهم لاهون ساهون عمّا في غدهم، وقيل: المؤمن في الدّنيا يتزوّد، والمنافق يتزيّن، والكافر يتمتّع.

وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ.


(١) لسان العرب: ٨/ ٢٩٩.
(٢) كتاب العين: ٨/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>