للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأضراس، وأخذ المدينة، وكان الفتح على يديه، ثمّ خرج بعد مرحب أخوه ياسر بن نحر، وهو يقول:

قد علمت خيبر أنّي ياسر ... شاكي السلاح بطل مغاور «١»

إذا الليوث أقبلت تبادر ... وأحجمت عن صولتي المغاور

إنّ حمائي فيه موت حاضر

وهو يقول: هل من مبارز؟ فخرج إليه الزبير بن العوّام، وهو يقول:

قد علمت خيبر أنّي زبار ... قرم لقرم غير نكس فرار «٢»

ابن حماة المجد ابن الأخيار ... ياسر لا يغررك جمع الكفّار

وجمعهم مثل السراب الحبار

فقالت أمّه صفية بنت عبد المطّلب: أيقتل ابني يا رسول الله؟ فقال: «بل ابنك يقتله إن شاء الله» ثمّ التقيا، فقتله الزبير، فقال أبو رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: خرجنا مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله (عليه السلام) برايته، فلمّا دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من اليهود، فطرح ترسه من يده، فتناول علي بابا كان عند الحصن، فتترّس به عن نفسه، فلم يزل في يده، وهو يقاتل حتّى فتح الله تعالى عليه، ثمّ ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب، فما نقلبه «٣» .

ثمّ لم يزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفتح الحصون حصنا حصنا، ويجوز الأموال حتّى انتهوا إلى حصن الوطيح والسلالم، وكان آخر حصون خيبر افتتح، فحاصرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بضع عشرة ليلة، فلمّا أمسى النّاس يوم الفتح أوقدوا نيرانا كثيرة، فقال رسول الله: «على أيّ شيء توقدون؟» قالوا: على لحم، قال: «على أيّ لحم؟» قالوا: لحم الحمر الإنسية. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اهريقوها واكسروها «٤» » . فقال رجل: أو نهرّقها ونغسلها؟ فقال: «أوذاك» [٣٦] «٥» .

قال ابن إسحاق: ولمّا افتتح رسول الله (عليه السلام) القموص حصن بني أبي الحقيق أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بصفية بنت حيي بن أخطب، وبأخرى معها، فمرّ بهما بلال، وهو الذي جاء بهما على قتلى من قتل من اليهود، فلمّا رأتهما التي مع صفية، صاحت، وصكّت وجهها، وحثت


(١) تاريخ الطبري: ٢/ ٢٩٩ ط. الأعلمي.
(٢) المصدر السابق: ٢/ ٣٠٠.
(٣) تاريخ الطبري: ٢/ ٣٠١.
(٤) في المصدر: اكسروها وأحرقوها بدلا من «اهريقوها واكسروها» .
(٥) صحيح البخاري: ٣/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>