للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلال خير الناس وابن الأخير

إنّما يقولون: خير وشر. قال الله عز وجل كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ وقال سبحانه أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً.

إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ باعثوها ومخرجوها من الهضبة التي سألوا فِتْنَةً محنة لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وانتظرهم وننظر ما هم صانعون وَاصْطَبِرْ واصبر على ظلمهم وأذاهم، ولا تعجل حتى يأتيهم أمري، وَاصْطَبِرْ: افتعل من الصبر، وأصل (الطاء) فيه (تاء) فحوّلت (طاء) لأجل (الصاد) .

وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ وبين الناقة بالسويّة لها يوم ولهم يوم، وإنّما قال: بَيْنَهُمْ لأن العرب إذا أخبرت عن بني آدم وعن البهائم غلّبوا بني آدم على البهائم. كُلُّ شِرْبٍ نصيب من الماء مُحْتَضَرٌ يحضره من كانت نوبته، فإذا كان يوم الناقة حضرت شربها، وإذا كان يومهم حضروا شربهم، وقال مجاهد: يعني يحضرون الماء إذا غابت الناقة، وإذا جاءت حضروا اللبن.

فَنادَوْا صاحِبَهُمْ قدار بن سالف وكان أشقر ولذلك قيل له: أشقر ثمود فَعَقَرَ فتناول الناقة بسيفه فعقرها، ولذلك سمّيت العرب الجزار قدارا تشبيها به، وقال الشاعر:

إنّا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ... ضرب القدار نقيعة القدام «١»

فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ ثم بيّن عذابهم فقال عز من قائل: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ قرأ الحسن وقتادة بفتح (الظاء) أراد الحظيرة، وقرأ الباقون بكسر (الظاء) أرادوا صاحب الحظيرة.

قال ابن عباس: هو أن الرجل يجعل لغنمه حظيرة بالشجر والشوك دون السباع، فما سقط من ذلك فداسته الغنم فهو الهشيم، وقال قتادة: يعني كالعظام النخرة المحترقة وهي رواية العوفي عن ابن عباس ورواية أبي ظبيان عنه أيضا، كحشيش يأكله الغنم، وقال سعيد بن جبير: هو التراب الذي يتناثر من الحائط. ابن زيد: هو الشجر البالي الذي تهشّم حتى ذرّته الريح، والعرب تسمّي كل شيء كان رطبا فيبس هشيما.

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا هوّنا عليهم الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً ريحا ترميهم بالحصباء، وهي الحصى، وقال بعضهم: هو الحجر نفسه.

قال الضحّاك: يعني صغار الحصى، والحاصب والحصب والحصباء هي الحجر الذي


(١) تفسير القرطبي: ١٧/ ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>