للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون ملء الكف، والمحصب الموضع الذي يرمى فيه الجمار، وقال سعيد بن المسيب: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأهل المدينة: حصّبوا المسجد، أي صبّوا فيه الحجارة.

ثم استنثى فقال: إِلَّا آلَ لُوطٍ أي أتباعه على دينه من أهله وأمته نَجَّيْناهُمْ من العذاب بِسَحَرٍ قال الأخفش: إنّما أجراه، لأنه نكرة، ومجازه: بسحر من الأسحار، ولو أراد بسحر يوم بعينه لقال: سحر غير مجرى، ونظيره قوله: اهْبِطُوا مِصْراً.

نِعْمَةً يعني كان ذلك أو جعلناه نعمة مِنْ عِنْدِنا عليهم حيث أنجيناهم وأهلكنا أعداءهم كَذلِكَ كما جزيناهم، لوطا وآله نَجْزِي مَنْ شَكَرَ فآمن بالله وأطاعه.

وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ لوط بَطْشَتَنا أخذنا لهم بالعقوبة قبل حلولها بهم فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ فكذبوا بإنذاره شكا منهم فيه وهو تفاعل من المرية.

وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ طالبوه وسألوه أن يخلّي بينهم وبينهم. يقول العرب: راده تروده وارتاده وراوده يراوده نظيرها وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ.

فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ أي أعميناهم، وصيّرناها كسائر الوجه لا يرى لها شق، وذلك أنّهم لما قصدوا دار لوط عليه السّلام وعالجوا بابه ليدخلوا، قالت الرسل للوط: خلّ بينهم وبين الدخول ف إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ، فدخلوا الدار فاستأذن جبريل ربّه عزّ وجل في عقوبتهم فأذن له فصفقهم بجناحه، فتركهم عميا يترددون متحيرين لا يهتدون إلى الباب، وأخرجهم لوط عميا لا يبصرون. هذا قول عامة المفسّرين، وقال الضحّاك: طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل وقالوا: قد رأيناهم حين دخلوا البيت فأين ذهبوا؟، فلم يروهم ورجعوا فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ.

وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ جاءهم العذاب وقت الصبح بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ دائم عام استقر فيهم حتى يقضى بهم الى عذاب الآخرة.

فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ يعني موسى وهارون عليه السّلام.

كَذَّبُوا بِآياتِنا التسع كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ بالعذاب أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ قادر لا يعجزه ما أراد، ثم خوّف أهل مكة فقال عز من قائل: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ الذين أحللت بهم نقمتي من قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وآل فرعون أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ من العذاب فِي الزُّبُرِ الكتب تأمنون.

أَمْ يَقُولُونَ يعني كفار مكة نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ أي جماعة لا ترام ولا تضام، ولا يقصدنا أحد بسوء، ولا يريد حربنا وتفريق جمعنا إلا انتقمنا منهم، وكان حقّه: منتصرون فتبع رؤوس الآي.

<<  <  ج: ص:  >  >>