يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، وذلك
أن سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من مكة الى المدينة بعد بدر بسنتين ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم تجهز لفتح مكة فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«أمسلمة جئت؟» قالت: لا، قال:«أمهاجرة جئت؟» قالت: لا، قال:«فما جاء بك؟» قالت: كنتم الأصل والعشيرة والموالي وقد ذهبت موالي واحتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني، فقال لها:«فأين أنت من شباب مكة؟»[٢٧١]«١» - وكانت مغنية نائحة-.
قالت: ما طلب مني شيء بعد وقعة بدر، فحثّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليها بني عبد المطلب وبني المطلب فكسوها وحملوها وأعطوها نفقة، فأتاها حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزى فكتب معها الى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير، هذه رواية باذان عن أبن عباس، وقال مقاتل بن حيان: أعطاها عشرة دراهم، قالوا: وكساها بردا علم أن يوصل الكتاب الى أهل مكة، وكتب في الكتاب:(من حاطب بن أبي بلتعة الى أهل مكة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يريدكم فخذوا حذركم) فخرجت سارة ونزل جبرائيل فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم بما فعل، فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّا وعمّار وعمر والزبير وطلحة والمقداد بن الأسود وأبا مريد وكانوا كلهم فرسانا، وقال لهم:
«انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فأن بها ظعينة معها كتاب من حاطب الى المشركين فخذوه منها وخلّوا سبيلها، وأن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها» .
قال: فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان الذي قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا لها: أين الكتاب؟ فحلفت بالله ما معها من كتاب، فحثوها وفتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا فهمّوا بالرجوع فقال علي رضي الله عنه والله ما كذبنا ولا كذّبنا وسلّ سيفه وقال: أخرجي الكتاب وإلّا والله جرّدنّك ولأضربنّ عنقك. فلما رأت الجد أخرجت من ذؤابتها قد خبأتها في شعرها، فخلّوا سبيلها ولم يعترضوا لها ولا لمن معها ورجعوا بالكتاب الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الى حاطب فأتاه، فقال له:«هل تعرف الكتاب؟» قال: نعم، قال:«فما حملك على ما صنعت» ؟
فقال: يا رسول الله والله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولا أجبتهم منذ فارقتهم، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرته، وكنت عزيزا فيهم، وكان أهلي بين ظهرانيهم، فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يدا، وقد علمت أنّ الله