للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينزل بهم بأسه، وأن كتابي لا يغني عنهم شيئا. فصدّقه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعذره، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «وما يدريك يا عمر لعلّ الله قد أطلع على أهل بدر فقال لهم أعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» [٢٧٢] «١» .

أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا محمد بن غالب قال:

حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا ليث عن أبي الدنير عن جابر أن عبدا لحاطب جاء يشتكي حاطبا الى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «كذبت، لا يدخلها أبدا لأنه شهد بدرا والحديبية» [٢٧٣] «٢» .

وأنزل الله سبحانه في شأن حاطب ومكاتبته المشركين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ أي المودة، والباء صلة، كقول القائل: أريد أن أذهب، وأريد بأن أذهب، قال الله سبحانه وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ «٣» أي إلحادا بِظُلْمٍ ومنه قول الشاعر:

فلما رجت بالشرب هزّ لها العصا ... شحيح له عند الازاء نهيم «٤»

أي رجت الشرب.

وَقَدْ واو الحال كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ من مكة أَنْ تُؤْمِنُوا أي لأن آمنتم بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ في الكلام تقديم وتأخير، نظم الآية: لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ، وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ ... إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يروكم ويظهروا عليكم يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ بالقتل وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ بالشتم وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ فلا تناصحوهم فإنّهم لا يناصحوكم ولا يوادونكم.

لن ينفعكم يقول لا تدعونّكم قرابتكم وأولادكم التي بمكة الى خيانة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين وترك مناصحتهم وموالاة أعدائهم ومظاهرتهم فلن ينفعكم أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ التي عصيتم الله سبحانه لأجلهم يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ فيدخل أهل طاعته والإيمان به الجنة، ويدخل أهل معصيته والكفر به النار.


(١) جامع البيان للطبري: ٢٨/ ٧٥، تفسير ابن كثير: ٤/ ٣٦٩.
(٢) كنز العمّال: ١٠/ ٤٠١، ح ٢٩٩٦٠.
(٣) سورة الحج: ٢٥.
(٤) جامع البيان للطبري: ٢٨/ ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>