قال ابن عباس: امتحانهن أن يستحلفهن ما خرجت من بغض زوج وما خرجت رغبة عن أرض الى أرض وما خرجت التماس دنيا وما خرجت إلّا حبّا لله ورسوله، فاستحلفها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما خرجت بغضا لزوجها ولا عشقا لرجل منا وما خرجت إلا رغبة في الإسلام، فحلفت بالله الذي لا اله الا هو على ذلك، فأعطى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مهرها وما أنفق عليها ولم يردها عليه، فتزوّجها عمر، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يردّ من جاء من الرجال ويحبس من جاءه من النساء إذا امتحن ويعطي أزواجهن مهورهن
، فذلك قوله سبحانه: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ يعني أزواجهن الكفار ما أَنْفَقُوا عليهن من المهر وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مهورهن وأن كنّ لهنّ أزواج كفار في دار الكفر لأنّه فرّق بينهما الإسلام إذا استبرئت أرحامهن.
وَلا تُمْسِكُوا قراءة العامة بالتخفيف من الإمساك، وتكون الباء صلة مجازه: ولا تمسكوا عصم الكوافر وقرأ الحسن أبو عمرو ويعقوب وأبو حاتم بالتشديد من التمسّك وقال:
مسكت بالشيء وتمسّكت به، والعصم جمع العصمة وهي ما اعتصم به من العقد والمسك، والكوافر: جمع كافرة. نهى الله المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات، وأمرهم بفراقهن قال ابن عباس: يقول لا تأخذوا بعقد الكوافر ممن كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدن بها فقد انقطعت عصمتها منه وليست له بامرأة، وإن جاءتكم امرأة مسلمة من أهل مكّة ولها بها زوج كافر فلا تعتدن به فقد انقطعت عصمته منها.
قال الزهري: فلما نزلت هذه الآية طلّق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأتين كانتا له بمكّة مشركتين قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوّجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة والأخرى أم كلثوم بنت عمر بن حروا الخزاعية أم عبد الله بن عمر، فتزوجها أبو جهم بن حذافة بن غانم- رجل من قومه- وهما على شركهما، وكانت عند طلحة بن عبيد الله بن عثمان ابن عمرو التيمي أروى بنت ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب ففرّق بينهما الإسلام حين نهى القرآن عن التمسك بِعِصَمِ الْكَوافِرِ،
وكان طلحة قد هاجر وهي بمكة على دين قومها ثم تزوّجها في الإسلام بعد طلحة خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، فكانت ممن فرّ الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من نساء الكفار فحبسهما وزوّجها خالدا، وأميمة بنت بشر كانت عند ثابت بن الدحداحة ففرّت منه- وهو يومئذ كافر- الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سهل بن حنيف، فولدت عبد الله بن سهل «١» .
قال الشعبي: وكانت زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم امرأة أبي العاص بن الربيع فأسلمت