بنت أبي سفيان بن حرب فلان لهم أبو سفيان وكانت أم حبيبة تحت عبد الله بن جحش بن ذياب، وكانت هي وزوجها من مهاجري الحبشة، فنظر بوجهها وحاولها أن تتابعه فأبت وصبرت على دينها، ومات زوجها على النصرانية، فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الى النجاشي فيها ليخطبها عليه، فقال النجاشي لأصحابه: من أولى بها؟
قالوا: خالد بن سعيد بن العاص، قال: فزوّجها من نبيّكم، ففعل ومهرها النجاشي أربعمائة دينار، وساق أليها مهرها، ويقال بل خطبها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الى عثمان بن عفان فلما زوّجه أياها بعث الى النجاشي فيها، فساق عنه وبعث بها إليه فبلغ ذلك أبا سفيان وهو يومئذ مشرك فقال: ذاك الفحل لا يقرع أنفه.
رخّص الله سبحانه في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم ولم يخرجوهم من جميع الكافرين، فقال عزّ من قائل: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ تعدلوا فيهم بالإحسان والبر.
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ واختلف العلماء فيمن نزلت فيهم هذه الآية،
فقال ابن عباس:
نزلت في خزاعة منهم هلال بن عديم وخزيمة ومزلقة بن مالك بن جعشم وبنو مدلج وكانوا صالحوا النبي صلّى الله عليه وسلّم على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحدا
، وقال عبد الله بن الزبير: نزلت في أسماء بنت أبي بكر وذلك أن أمها فتيلة بنت الغري بن عبد أسعد من بني مالك بن حنبل قدمت عليها المدينة بهدايا ضيابا وقرطا وسمنا وهي مشركة، فقالت أسماء: لا أقبل منك هدية ولا تدخلين عليّ في بيتي حتى أستأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قالت لها عائشة: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية، فأمر بها رسول الله أن تدخلها منزلها وتقبل هديّتها وتكرمها وتحسن إليها.
وقال مرّة الهمداني وعطية العوفي: نزلت في قوم من بني هاشم منهم العباس.
إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ في دينكم وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ وهم مشركو مكة أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ الواضعون الولاية في غير موضعها.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ الآية
قال ابن عباس: أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معتمرا حتى إذا كان بالحديبية صالحه مشركو مكّة على من أتاه من أهل مكّة رده عليهم ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو لهم ولم يردوه عليه، وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه فجاءت سبيعة بنت الحرث الأسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب، والنبي صلّى الله عليه وسلّم بالحديبية فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم- وقال مقاتلان هو صفي بن الراهب- في طلبها، وكان كافرا فقال: يا محمد أردّد علي امرأتي فأنك قد شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منّا وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فأنزل الله سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ من دار الكفر الى دار الإسلام.