وقيل: معناه على السماء كقوله: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ «١» ومعناه: إنّه مالكها ومدبّرها والقائم عليها، كما يقال: فلان على العراق والحجاز، وفلان على خراسان وسجستان يعنون أنّه واليها وأميرها.
وأعلم أنّ الآيات والأخبار الصحاح في هذا الباب كثيرة وكلّها إلى العلو مشيرة، ولا يدفعها إلّا ملحد جاحد أو جاهل معاند، والمراد بها- والله أعلم- توقيره وتعظيمه وتنزيهه عن السفل والتحت، ووصفه بالعلو والعظمة دون أن يكون موصوفا بالأماكن والجهات والحدود والحالات لأنّها صفات الأجسام وأمارات الحدث والله سبحانه وتعالى كان ولا مكان فخلق الأمكنة غير محتاج إليها، وهو على ما لا يزل، ألا يرى أنّ الناس يرفعون أيديهم في حال الدعاء إلى السماء مع إحاطة علمه وقدرته ومملكته بالأرض وغيرها أحاطتها بالسماء، إلّا أنّ السماء مهبط الوحي ومنزل القطر ومحلّ القدس ومعدن المطهرين المقرّبين من ملائكته، وإليها ترفع أعمال عباده وفوقها عرشه وجنّته وبالله التوفيق.
أَنْ يَخْسِفَ يغور بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ قال الحسن: تحرّك بأهلها، وقال الضحّاك: تدور بهم وهم في قعرها، وقال ابن كيسان: تهوى بهم.
أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ريحا ذات حجارة كما فعل بقوم لوط وأصحاب الفيل فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ أي إنذاري بالعذاب.
وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ إنكاري، وأثبت بعض القرّاء الياء في هذه الحروف وجوابها على الأصل وحذفها بعضهم على الخط.
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ أجنحتها وهي تطير، وَيَقْبِضْنَ أجنحتها بعد انبساطها، ما يُمْسِكُهُنَّ يحبسهنّ في حال القبض والبسط أن يسقطن، إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ.
أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ قال ابن عباس: منعه لكم يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ فيدفع عنكم ما أراد بكم إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ في الضلال وَنُفُورٍ تباعد من الحقّ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ راكبا رأسه في الضلالة والجهالة أعمى القلب والعين لا يبصر يمينا ولا شمالا، وهو الكافر.
وقال قتادة: هو الكافر أكبّ على معاصي الله في الدنيا فحشره الله يوم القيامة على وجهه، أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وهو المؤمن، وقوله مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ فعل غريب! لأنّ أكثر اللغة في التعدّي واللزوم أن يكون أفعلت يفعّل، وهذا على ضدّه يقال: