للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كببت فلانا على وجهه فأكب، قال الله تعالى: فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ «١» ،

وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«وهل يكبّ الناس في النار على مناخرهم إلّا حصائد ألسنتهم» [٣٥٢] «٢» .

ونظيره في الكلام قولهم: قشعت الريح السحاب فأقشعت، وبشرته بمولود فأبشر، وقيل مكبّا لأنه فعل غير واقع «٣» ، قال الأعشى:

مكبّا على روقيه يحفّز عرفه ... على ظهر عريان الطريقة أهيما «٤»

قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ فَلَمَّا رَأَوْهُ ويعني العذاب في الآخرة عن أكثر المفسّرين، وقال مجاهد: يعني العذاب ببدر، زُلْفَةً قريبا، وهو اسم بوصف مصدر يستوي فيه المذكّر والمؤنّث والواحد والاثنان والجميع سِيئَتْ أخزيت وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا فاسودّت وعلتها الكآبة والغربة يقول العرف: سويه فسيء، ونظيره سررته فسر وشعلته فشعل وَقِيلَ قال لهم الخزنة: هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ أي أن يعجّله لكم.

وقراءة العامّة: (تَدَّعُونَ) بتشديد الدال يفتعلون من الدعاء عن أكثر العلماء أي يتمنّون ويتسلّون، وقال الحسن: معناه يدّعون أن لا جنّة ولا نار، وقرأ الضحاك وقتادة ويعقوب بتخفيف الدال، أي تدعون الله أن يأتكم به وهو قوله: وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ «٥» الآية.

قُلْ يا محمد لمشركي مكّة الذين يتمنّون هلاكك ويتربّصون بك ريب المنون أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ فأماتني وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا أبقانا وأخّر في آجالنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ فإنّه واقع بهم لا محالة، وهذا اختيار الحسين بن الفضل ومحمد بن الحسن.

وقال بعضهم: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ فعذّبني (وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا) غفر لنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ونحن معا إنّما خائفون من عذابه لأنّ له أن يأخذنا بذنوبنا ويعاقبنا ويهلكنا لأنّ حكمه جائز وأمره نافذ وفعله واقع في ملكه، فنحن مع إيماننا خائفون من


(١) سورة النمل: ٩٠.
(٢) سنن الترمذي: ٤/ ١٢٥.
(٣) في تفسير الطبري زيادة: وإذا لم يكن واقعا أدخلوا فيه الألف فقالوا: أكب فلان على وجهه فهو مكب ومنه قول الأعشى....
(٤) تفسير الطبري: ٢٩/ ١٢.
(٥) سورة الأنفال: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>