للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ صديق، وقيل: قريب يعينه، وقيل: هو مأخوذ من الحميم، وهو الماء الحار كأنه الصديق الذي يرق ويحترق قلبه له. وَلا طَعامٌ وليس له اليوم طعام. إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ وهو صديد أهل النار مأخوذ من الغسل كأنه غسالة جروحهم وقروحهم، وقال الضحاك والربيع: هو شجر يأكله أهل النار. لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ المذنبون وهم الكافرون.

فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ ترون وما لا ترون، وأراد جميع المكونات والموجودات، وقيل: الدنيا والآخرة. وقيل: ما في ظهر السماء والأرض وما في بطنها. وقيل:

الأجسام والأرواح.

وقيل: النعم الظاهرة والباطنة.

وقال جعفر الصادق: بِما تُبْصِرُونَ من صنعي في ملكي وَما لا تُبْصِرُونَ من برّي بأوليائي.

وقال الجنيد: ما تُبْصِرُونَ من آثار الرسالة والوحي على حسن محمد وَما لا تُبْصِرُونَ من السر معه ليلة الإسراء. وقيل: ما أظهر الله للملائكة واللوح والقلم، وما استأثر بعلمه فلم يطلع عليه أحدا.

وقيل: ما تُبْصِرُونَ: الإنس وَما لا تُبْصِرُونَ: الجن والملائكة. وقال ابن عطا: ما تُبْصِرُونَ من آثار القدرة وَما لا تُبْصِرُونَ من أسرار القرية.

إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ أي تلاوة محمد وتبليغه، وقيل: لقول مرسل رسول كريم فحذف كقوله وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «١» .

وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ قرأ ابن عامر ويعقوب أبو حاتم: يؤمنون ويذكرون بالياء، وغيرهم بالتاء فيهما تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ تخرّص واختلق عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ قيل: من صلة مجازه:

لعاقبناه وانتقمنا منه بالحق كقوله: قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ «٢» أي من قبل الحق.

وقال ابن عباس: لأخذناه بالقوة والقدرة، كقول الشاعر:

إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقّاها غرابة باليمن «٣»

وقيل: معناه لأخذنا منه باليد اليمنى من يديه، وهو مثل معناه لأذللناه وأهناه، وهذا


(١) سورة يوسف: ٨٢.
(٢) سورة الصّافات: ٢٨.
(٣) الصحاح: ١/ ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>