للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هينتك ثلاث آيات وأربعا وخمسا. قتادة: تثبت فيه تثبيتا. ابن كيسان: تفهّمه تاليا له. وقيل:

فصّله تفصيلا ولا تعجل في قراءته، وهو من قول العرب: ثغّر رتّل ورتل إذا كان مفلجا. أبو بكر ابن طاهر: دبّر في لطائف خطابه، وطالب نفسك بالقيام بأحكامه، وقلبك بفهم معانيه، وسرك بالإقبال عليه.

أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن مالك، قال: حدّثنا عبد الله، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله بن عمرو عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرأها» [٤٣] «١» .

إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا قال الحسن: إنّ الرجل ليهدّ السورة ولكن العمل به ثقيل.

وقال قتادة: ثقيل والله فرائضه وحدوده. ابن عباس: شديدا. أبو العالية: ثقيلا بالوعد والوعيد والحلال والحرام. محمد بن كعب: ثقيلا على المنافقين. الفرّاء: ثَقِيلًا ليس بالخفيف السفساف لأنه كلام ربّنا. عبد العزيز بن يحيى: مهيبا، ومنه يقال للرجل العاقل: هو رزين راجح.

وسمعت الأستاذ أبا القيّم بن جندب يقول: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم يقول: سمعت الحسين بن الفضل وسئل عن هذه الآية، فقال: معناها إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا خفيفا على اللسان ثَقِيلًا في الميزان. وقال أبو بكر بن طاهر: يعني قولا لا يحمله إلّا قلب مؤيد بالتوفيق ونفس مزيّنة بالتوحيد. وقال القيّم: في هذه الآية سماع العلم من العالم مرّ واستعماله ثقيل لكنه يأتي بالفرح إذا استعمله العبد على جد السنّة وتمام الأدب. وقيل: عنى بذلك أن القرآن عليه ثقيل محمله. قال ابن زيد: هو والله ثقيل مبارك كما ثقل في الدنيا يثقل في الموازين يوم القيامة.

أخبرنا أبو الحسين ابن أبي الفضل القهندري، قال: أخبرنا مكي قال: حدّثنا محمد بن يحيى فقال: وفيما قرأت على عبد الله عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن الحرث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشدّ عليّ فينفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل الملك رجلا فأعرف ما يقول» [٤٤] «٢» .

قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فينفصم عنه وان جبينه ليرفض عرقا.


(١) فتح الباري: ١٣/ ٣٤٩، السنن الكبرى: ٥/ ٢٢، ح ٨٠٥٦.
(٢) مسند أحمد: ٦/ ١٥٨، تفسير القرطبي: ١٩/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>