للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الضحاك: أحرق بخت نصر قوما من المسلمين.

والأخدود: الحفرة والشق المستطيل في الأرض كالنهر وجمعه أخاديد وهو أفعول من الخد يقال خددت في الأرض خدّا أي شققت وحفرت.

النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ قراءة العامة بفتح الواو وهو الخطب، وقرأ أبو رجاء العطاردي بضم الواو على المصدر وقراءة العامة النَّارِ ذاتِ بالكسر فهما على نعت الْأُخْدُودِ، وقرأ أشهب العقيلي بالرفع فيهما على معنى أحرقتهم النَّارُ ذاتُ الْوَقُودِ.

قال الربيع بن أنس: كان أَصْحابُ الْأُخْدُودِ قوما مؤمنين اعتزلوا الناس في الفترة، وأن جبّارا من عبدة الأوثان أرسل إليهم فعرض عليهم الدخول في دينه فأبوا فخدّ أخدودا وأوقد فيه نارا ثم خيّرهم بين الدخول في دينه وبين إلقائهم في النار فاختاروا إلقاءهم في النار على الرجوع عن دينهم فألقوا في النار، فنجّى الله المؤمنين الذين ألقوا في النار بأن قبض أرواحهم قبل أن تمسّهم النار وخرجت النار إلى من على شفير الأخدود من الكفار فأحرقتهم.

إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ: حضور، وقال مقاتل: يعني يشهدون إنّ المؤمنين حين تركوا عبادة الصنم وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ: أي وما علموا فيهم عيبا ولا وجدوا لهم جرما ولا رأوا منهم سوءا. إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا: يعني إلّا لأن ومن أجل أن آمنوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.

إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا: عذّبوا وأحرقوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ نظيره قوله سبحانه وتعالى:

يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ «١» ، ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ في الآخرة وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ في الدنيا وذلك إنّ الله سبحانه أحرقهم بتلك النار التي أحرقوا بها المؤمنين، هذا قول ربيع وأصحابه، وقال الآخرون: هما واحد.

أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا علي بن محمد بن لؤلؤ الوراق قال: حدّثنا أبو عبيد محمد ابن أحمد بن المؤمل الصيرفي قال: حدّثنا أبو جعفر محمد بن جعفر الأحول المعروف باللقوق قال: حدّثنا منصور بن عمّار قال: حدّثنا سعيد بن أبي توبة عن عبد الرحمن بن الجهم يبلغ به حذيفة بن اليمان قال: أسرّ إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا في النار فقال: «يا حذيفة إن في جهنم لسباعا من نار وكلابا من نار وكلاليب من نار وسيوفا من نار وأنه يبعث ملائكة يعلّقون أهل النار بتلك الكلاليب بإحناكهم ويقطعونهم بتلك السيوف عضوا عضوا ويلقونها إلى تلك الكلاب والسباع كلما قطعوا عضوا عاد مكانه عضوا جديد» [١٢٣] «٢» .


(١) سورة الذاريات: ١٣.
(٢) الدر المنثور: ٢/ ١٧٤. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>