إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ واختلف العلماء في جواب القسم فقال بعضهم: جوابه قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ وفيه إضمار يعني لقد قتل، وقيل: فيه تقديم وتأخير تقديره: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ.
وقال قتادة: جوابه قوله: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ أي أخذه بالعذاب والانتقام.
إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ: يعني الخلق عن أكثر العلماء، وروى عطية العوفي عن ابن عباس: يُبْدِئُ العذاب في الدنيا للكفار ثم يُعِيدُ عليهم العذاب في الآخرة.
وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ: قال ابن عباس: التودد إلى أوليائه بالمغفرة. علي عنه: الحبيب، مجاهد: الواد، ابن زيد: الرحيم، وقيل: بمعنى المودود كالحلوب والركوب، وقيل: معناه يغفر ويودّ أن يغفر.
ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ: السرير العظيم وقال: ابن عباس وقتادة: الكريم، واختلف القرّاء فيه فقرأ يحيى وحمزة والكسائي وخلف بجر الدال على نعت العرش. غيرهم بالرفع على صفة الغفور.
فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ، هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ، خبر الجموع الهالكة ثم بين من هم فقال:
فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا، من قومك يا محمد. فِي تَكْذِيبٍ: [واستجاب للتعذيب] «١» كدأب من قبلهم، وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ عالم بهم لا يخفى عليه شيء من أحوالهم بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ كريم شريف كثير الخير وليس كما زعم المشركون، وقال عبد العزيز بن يحيى:
مجيد يعني غير مخلوق، وقرأ ابن السميقع: بَلْ هُوَ قُرْآنُ مَجِيدٍ بالإضافة، أي قرآن ربّ مجيد.
فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ.
قرأ يحيى بن يعمر: فِي لُوحٍ بضم اللام، أي إنّه بلوح وهو ذو نور وعلو وشرف.
وقرأ الآخرون: بفتح اللام لَوْحٍ مَحْفُوظٍ. قرأ نافع وابن مخيضر: بضم الظاء على نعت القرآن، وقرأ الباقون: بالكسر على نعت اللوح.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا مخلد قال: حدّثنا ابن خلويه قال: حدّثنا إسماعيل قال:
حدّثنا إسحاق بن بشر، قال: أخبرني مقاتل وابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس قال: إن في صدر اللوح لا إله إلّا الله وحده، ودينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله، فمن آمن بالله عزّ وجل وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة. قال: فاللوح لوح من درة بيضاء طويلة طوله ما بين
(١) كذا في المخطوط.