للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ أي سل يا محمد يهود أهل المدينة كَمْ آتَيْناهُمْ أعطيناهم، آباءهم وأسلافهم مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ علامة واضحة مثل العصا في اليد البيضاء وفلق البحر وغيرها.

وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ يغيّر كتاب الله مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا الآية، قال بعضهم: نزلت هذه الآية في مشركي العرب أبي جهل وأصحابه كانوا يتنعّمون بما ينقل لهم في الدنيا من المال ونسوا يوم المعاد وَيَسْخَرُونَ من المؤمنين الذين يعزفون عن الدنيا، ويقبلون على الطاعة والعبادة، ويقولون: لو كان محمد نبيّا لاتبعه أشرافنا وإنما تبعه الفقراء مثل أبي عمارة وصهيب وعمار وجابر بن عبد الله وأبي عبيدة بن الجراح وبلال وخبّاب وأمثالهم، وهذا معنى رواية الكلبي عن ابن عباس.

وقال مقاتل: نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه، وكانوا يتنعمون في الدنيا ويسخرون من ضعفاء المؤمنين وفقراء المهاجرين، ويقولون: انظروا إلى هؤلاء الذين يزعم محمد أنه يغلب بهم.

وقال عطاء: نزلت في رؤساء اليهود ووفدهم من بني قريضة والنضير والقينقاع سخروا من فقراء المهاجرين فوعدهم الله أن يعطيهم أموال بني قريضة والنضير بغير قتال أسهل شيء وأيسره. فقال: أين الذين كفروا في الحياة الدنيا، في قول مجاهد، وحمل (زَيَّنَ) بفتح الزاي والياء على معنى زينها الله وإنّما ذكّر الفعل بمعنيين أحدهما أن تأنيث الحياة ليس بحقيقي لأنّ معنى الحياة والبقاء والعيش واحد، والآخر أنه فصل بين اسم المؤنث والفعل فأعمل المذكر، كقول الشاعر:

إن امرأ غرّه منكن واحدة ... بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور «١»

وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا لفقرهم.

عن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من استذلّ مؤمنا أو مؤمنة أو حقّره لفقره وقلة ذات يده شهّره الله يوم القيامة ثم فضحه، ومن بهت مؤمنا أو مؤمنة أو قال فيه ما ليس فيه، أقامه الله على تل من نار حتّى يخرج مما قال فيه، وإن المؤمن أعظم عند


(١) زاد المسير: ١/ ٣٠٥، ولسان العرب: ٥/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>