للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله وأكرم عليه من ملك مقرب، وليس شيء أحبّ إلى الله من مؤمن تائب أو مؤمنة تائبة، وإن [الرجل] المؤمن ليعرف في السماء كما يعرف الرجل أهله وولده» [١٠٩] «١» .

وعن إبراهيم بن أدهم قال: حدّثنا عباد بن كثير بن قيس، قال: جاء رجل عليه بزّة له فقعد الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجاء رجل عليه [لممار] «٢» له فقعد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: ألقى بثيابه فضمّها إليه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أكلّ هذا تقززا من أخيك المسلم، أكنت تخشى أن يصيبه من غناك أو يصيبك من فقره شيء،» فقال للنبي: معذرة إلى الله وإلى رسوله، إن النفس لأمّارة وشيطان يكيدني، أشهد يا رسول الله أن نصف مالي له، فقال الرجل: ما أريد ذلك، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ولم؟» قال: لا يفسد قلبي كما أفسد قلبه» [١١٠] .

وقال أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) : لا تحقرنّ أحدا من المسلمين فإنّ صغير المسلمين عند الله كبيرا. وقال يحيى بن معاذ: بئس القوم قوم إن استغنى بينهم المؤمن حسدوه، وإذا افتقر بينهم استذلّوه وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ

عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا أبا ذر ارفع بصرك إلى أرفع رجل تراه في المسجد» . فنظرت فإذا رجل جالس وعليه حلّة فقلت:

هذا. فقال: «يا أبا ذر ارفع بصرك إلى أوضع رجل تراه في المسجد» فنظرت فإذا رجل ضعيف عليه أخلاق فقلت: هذا، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «والذي نفسي بيده لهذا عند الله يوم القيامة أفضل من قراب الأرض من هذا» [١١١] «٣» .

وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ قال ابن عباس: يعني كثيرا بغير فوت ولا [هنداز «٤» ] لأن كل ما دخل عليه الحساب فهو قليل.

وقال الضحاك: يعني من غير تبعة، يرزقه في الدنيا ولا يحاسبه ولا يعاقبه في الآخرة.

وقيل إنّ هذا راجع إلى الله ثم هو يحتمل على هذا القول معنيين: أحدهما أنه لا يفترض عليه، ولا يحاسب فيما يرزق، ولا يقال له: لما أعطيت هذا، وحرمت هذا؟ ولم أعطيت هذا أكثر مما أعطيت ذاك؟ لأنه لا شريك له بما عنده، ولا قسيم ينازعه.

والمعنى الآخر أنه لا يخاف نفاذ خزائنه فيحتاج إلى حساب ما يخرج منها إذا كان الحساب من المعطي، إنما يكون ليعمّ أقدر العطاء لئلا يتجاوز في عطائه إلى ما يجحف به فهو لا يحتاج الى الحساب لأنه عالم غني لا يخاف نفاد خزائنه لأنها بين الكاف والنون كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً الآية، قال الحسن وعطاء: كانَ النَّاسُ من وقت وفاة آدم إلى


(١) تفسير القرطبي: ٣/ ٢٩.
(٢) كذا في المخطوط.
(٣) مسند أحمد: ٥/ ١٧٠.
(٤) كذا في المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>